الرئيس التركى رجب طيب أردوغان انخرط منذ ردح من الزمن فى بهلوانيات سياسية حول أمور بالغة الدقة والحساسية، وهى أمور ربما لا يدرك هو حساسيتها وتناولها لا يكون باستعراض مهارات المشى على السلك، والمرمغة والدرمغة التى استغرق فى مزاولتها، وغطس حتى شواشيه فيها.. ومثال لذلك موقفه من حلف الناتو، فهو يصرخ منذ أسبوع مناديا على الحلف الأطلسى أن يتدخل فى شمال سوريا، ويغالطه مذكرا بمواقف أنقرة من أزمات أفغانستان والصومال ويوغسلافيا السابقة حين اشتركت مع الناتو فى التدخل العسكرى بها محاولا المساواة بينها وحالة شمال سوريا، ويريد حشر العقل الأمريكى لا بل والعقل الأوروبى كله فى فكرة مؤداها أن وحدات الحماية الكردية والاتحاد الديمقراطى الكردستانى هما منظمتان إرهابيتان وأنهما امتداد لحزب العمال الكردستانى ولذلك تحاربهما أنقرة فى سوريا، وتدخل قبل ذلك فى صفقة عسكرية مع روسيا للحصول بموجبها على صواريخ إس 400، وهى التى لا يمكن لها التكامل مع تقنيات المنظومات الصاروخية التابعة للحلف.. وتركيا متوترة تنفى ما ردده الإعلام الغربى عن خروجها من الناتو ولكن وزير خارجيتها ينكر ذلك بقوة، وقبل ذلك تتعرض تركيا إلى قيام ألمانيا بسحب طائراتها من مطار «إنجرليك» فى إطار الأزمات الثنائية المتلاحقة بين البلدين، لا بل وإخضاع العلاقة مع الناتو لما يسود علاقة أنقرة بالاتحاد الأوروبى المستمسك بأن تركيا ليست دولة أوروبية، ويرفض انضمامها إليه رغم الإلحاح التركى السمج، وها هى تركيا تردد أنها لا تنقص شيئا عن باقى أعضاء الناتو أو أعضاء الاتحاد الأوروبى.. تركيا تناطح (رأسا برأس) الولاياتالمتحدة بسبب مساندة واشنطن للأكراد وتسليحهم، وتذهب فى ذلك التناطح شأواً بعيداً حين تندد بحلف الناتو وتناديه أن يتدخل فى شمال سوريا, ثم تؤكد استمرار عضويتها فيه، ثم تحاول اللعب على التضاغط الروسى الأمريكى، والتقارب مع موسكو وبالذات فى أمور التسلح، على الرغم من فعلتها السابقة بإسقاط طائرة روسية فوق شمال سوريا، وهو ما أعقبه اعتذار أردوغان المهين إلى بوتين.. هى دولة بحق تتخبط، ولن تستطيع مواصلة المشى على السلك أو أداء ألعاب السيرك السياسى. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع