على صفحة النيل الخالد وسط الطبيعة الساحرة بمنطقة الروضة بجوار مقياس النيل الشهير، وقصر حسن فؤاد باشا المانسترلى هذا الأثر التاريخى والتحفة المعمارية النادرة الذى بنى عام 1851 على مساحة ألف متر مربع، وسط هذه المنظومة المعمارية الثرية فناً وتاريخاً وقع الاختيار على احد المبانى لإقامة متحف أم كلثوم - التابع لصندوق التنمية الثقافية برئاسة د. فتحى عبد الوهاب - والذى تم افتتاحه فى 28 ديسمبر 2001 وقام بجمع مقتنياته وكان مديره الأول الشاعر أحمد عنتر مصطفى. ................... يتصدر حرم المتحف تمثال لسيدة الغناء العربى أبدعه الفنان آدم حنين، تقديرا لفنها الأصيل وعرفانا بدورها الخالد الذى لعبته فى إثراء الوجدان العربى وحسها الوطنى النبيل. وعلى بعد خطوات كان فى انتظارنا مدير المتحف حاتم البيلى الذى اصطحبنا أثناء الجولة. وعند الباب الداخلى للمتحف؛ الذى تنبعث منه أنغام الموسيقى وصوت كوكب الشرق؛ تقع عيناك على أهم علامتين مميزتين للمحتفى بها وهما النظارة المطعمة بالألماس الحر والمنديل، وهما سمتان فارقتان تتسم أم كلثوم بهما دون سائر المطربات؛ لنبدأ جولتنا داخل المتحف الذى يقع على مساحة 250 مترا مربعا ويضم بين جنباته مقتنياتها الشخصية والفنية الثمينة، والتى لا تعكس ثقافتها وذوقها فحسب بل تطرح رؤية ثقافية وفنية لقرن من الفن والثقافة. شخصية محافظة وداخل فاترينة العرض الأساسية مجموعة من فساتينها التى غنت بها يتقدمها فستان أبيض مطعم باللولى الحر الذى غنت به «الأطلال» والعباءة المغربية، وجميعها تتسم بالحشمة والوقار وتدل على شخصية محافظة من الريف المصرى، وعلى انتمائها القومى والعربى. وأمامها بانوراما الصور، وتضم خمس لوحات صممت بطريقة الكولاج تعبر كل منها عن مرحلة زمنية من حياتها بداية من مرحلة الشباب وأهم أفلامها، وصور أثناء تسجيل البروفات مع رياض السنباطى، ومحمد عبد الوهاب وهما يستمعان للراديو، ومن الصور المهمة صورتها مع بديعة مصابنى والتى نشرت فى الستينيات على غلاف 81 مجلة، وترجع قصة هذه الصورة عندما جاءت أم كلثوم إلى القاهرة عام 1924 غنت فى كازينو بديعة ليلتين والتى شجعتها على الاستمرار، وبعد سنوات عادت بديعة إلى لبنان، وعندما زارت أم كلثوم لبنان فى الستينيات قامت بزيارة بديعة فى منزلها والتقطت هذه الصورة، ونشرت على أغلفة عدد كبير من المجلات والدوريات اللبنانية - بصفة خاصة - بالإضافة إلى صورها أثناء رحلاتها الداخلية والخارجية مع القادة والسياسيين والرؤساء والأمراء من ضمنها صورة مع عمدة مدينة فاس وهو يهديها شمعة طولها متران مرصعة بالألماس بحضور وزير الثقافة المغربى. صاحبة العصمة وعلى الجانب الآخر مجموعة نادرة من الأوسمة والنياشين التى حصلت عليها من الحكومات العربية والأجنبية وبراءات هذه الأوسمة بتوقيعات الرؤساء والأمراء والملوك منها: وسام الكمال «صاحبة العصمة» من الملك فاروق، «مفتاح مدينة طنطا» من الذهب الخالص، «وسام الأرز» اللبنانى من أرفع الأوسمة، « وسام النهضة «من المملكة الأردنية»؛ وسام الكفاءة الفكرية «من المملكة المغربية»؛ «وسام الاستحقاق» من الجمهورية السورية، فضلا عن الأوسمة الباكستانية والتونسية ، وصولا ل «قلادة النيل» الذى أهداها لها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من الذهب الخالص. لا يعرف المرء فى عصره ومن أهم وأبرز مقتنيات المتحف «عود» أم كلثوم مكتوب عليه «لا يعرف المرء فى عصره» والذى كانت تعزف عليه، وبجواره تذكرة لإحدى حفلاتها و«البروش» الهلال من الألماس الحر الذى كانت ترتديه فى اغلب حفلاتها، وصورة لأول عقد لها مع الإذاعة بمبلغ 25 جنيها. بعض الأغانى بخطوط مؤلفيها أمثال احمد رامى، واحمد شوقى، وبيرم التونسى، واحمد شفيق كامل، وجورج جرداق، والتعديلات التى أجرتها بخط يدها على بعض القصائد، ونصل إلى البانوراما بطول 15 مترا تعرض فيلما يتضمن مجموعة من الصور التذكارية واللقطات الجميلة والنادرة لمعالم مصر التى تغنت بها ثومة فى كل مراحل حياتها. وتضم إحدى الفاترينات بعض الحقائب والأحذية - المصنوعة من جلد التمساح والجلد الطبيعى - التى صممت خصيصا لها فى سويسرا وإسبانيا وفرنسا . ومما يذكر أن بعضا من هذه الأحذية والحقائب كانت تصنع بتوصية من الملك الحسن الثانى ضمن احتياجات الأميرات المغربيات وتهدى إلى كوكب الشرق كواحدة منهن، تقديرا لشخصها وفنها وتكريمها لدورها فى الرقى بالوجدان العربى . ثم يلى ذلك فاترينة خاصة تتضمن مجموعة من جوازات السفر ومجموعة من المفكرات الخاصة بها التى كانت تسجل فيها بعض اليوميات أو كلمات بعض الأغانى، والمصحف الخاص مطرز بالصدف ومجموعة من النظارات والقفازات. مكتبة السمع البصرية وقد استحدث المتحف مكتبة سمع بصرية، تحوى سجلا كاملا من المجلدات لكل ما كتب عن أم كلثوم فى الصحافة المصرية منذ مجيئها إلى القاهرة عام 1924 حتى عام 2000م، وبعض الكتب التى كتبت عنها، كما تضم المكتبة مجموعة من الكتب العربية التى تناولت فن الغناء العربى ودور أم كلثوم فى السمو به؛ كذلك كتب أخرى تتناول حياتها ومسيرتها الفنية؛ هذا فضلا عن بعض الكتب التى كتبت بلغات مختلفة وتم ترجمتها إلى العربية، ومنها كتاب بالفرنسية من تأليف إيزابيللا بوديس حرم مدير معهد العالم العريى بباريس وهى فرنسية من أصل جزائرى، وكتاب فرجينيا نيلون الشهير « صوت من مصر». بالإضافة إلى النوت الموسيقية لبعض أغانيها، كلثوميات وعن استعدادات المتحف غداً للاحتفال بذكرى رحيل أم كلثوم الموافق الثالث من فبراير1975 قال مدير المتحف حاتم البيلى لدينا أربعة أنشطة، اوركسترا النور والأمل، والمطربة رحاب عمر، بالإضافة إلى الصالون الثقافى للمتحف ويشمل إلقاء شعر وعزف على العود وطرب وندوة نقدية. أما النشاط العام للمتحف فيشمل «كلثوميات» حفلة أول خميس من كل شهر وتقام بقصر المانسترلى، وتشهد هذه الحفلات إقبالا من عشاق أم كلثوم، إلى جانب مهرجان الصوت الذهبى. ونقوم باستقبال رحلات المدارس بالتعاون مع الإدارات التعليمية ووزارة الشباب والرياضة، بالإضافة إلى الزيارات الجماهيرية وبعض الزيارات التى تأتى خصيصا للمتحف من البرازيل والصين وكندا والخليج العربى، ونحن الآن بصدد محاولات وضع المتحف على خريطة وزارة السياحة.