من المفهوم قطعا أنه من مظاهر احترام القيم الديمقراطية أن تشهد انتخابات الدول التى تدعى أنها حرة فعلا قدرا من التعددية، فيتقدم لشغر المواقع الكبرى فيها عدد من المتنافسين يقدم كل منهم برنامجه، ويعرضه على الرأى العام، ثم يقوم الجمهور باختيار من هو أفضل، وفى حالة الانتخابات الرئاسية المصرية، نحن فى وضع محير، فأمامنا المرشح المحتمل عبدالفتاح السيسي، وهو رجل اختبره الشعب مرة حين خلص البلد من كارثة حكم الإخوان الإرهابيين، ومرات حين حقق فى وقت قصير جدا عددا من المشروعات العملاقة المتنوعة، فى كل المجالات، وبشكل لا أبالغ إذا قلت إنه وضع المصريين على بدايات تليق بهم.. ولكن أنا ما يدهشنى حقيقة هو هؤلاء الذين رشحوا أنفسهم مرشحين محتملين أمامه، فبداية المنطق يقول إننى سأنتخب من له تاريخ مهنى وطنى معروف، ثم سأنتخب من أرى فى برنامجه ما يستحق التأييد والمساندة، ولكن المشكلة هى أن مثل أولئك لا نعرفهم بأى صفة، وليس لهم وجود مهنى إلا فى العادي، وكثيرا ما يكون أقل من العادي، وليس لهم أى إنجاز على المستوى العام، بل لم نرهم أبدا إلا فى افتعال مصادمة سياسية مع الدولة، أما فيما خلا ذلك فلم نلمح أحدهم فى ندوة، أو محاضرة، أو فيلم أو معرض فن تشكيلى، أو اجتماع سياسى قومى، أو حتى فى «دعوة عشاء»! والمدهش أكثر أن بعضهم يعتمد على مساندة الإخوان له مادام يخوض المعترك الانتخابى ضد الرئيس، أو يتكئ على مساندة كل من يتصور نفسه خصما للرئيس، فهل يمكن أن يبنى واحد تصوراته أو توقعاته أو حساباته البائسة على فكرة أن يكون حليف الفشل؟!.. أولا أعداد الفاشلين الذين سينتخبون وفقا لهذا المنطق قليلة جدا تكاد لا تذكر، كما أن نوعية أولئك الناخبين فى غالبيتها من الإخوان، وهم من أصدر عليهم الذهن الشعبى وصفه بأنهم أعداء الشعب، ثم من هو ذلك الذى يعشق ويذوب فى أعداء الشعب على ذلك النحو. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع