أصبح الطريق مفتوحا أمام الفلسطينيين لإطلاق انتفاضة جديدة حماية لحقهم فى سلام ودولة وعاصمة بالقدسالشرقية. لقد أراد الرئيس الأمريكى ترامب حرمانهم من هذا الحق بإقدامه على توقيع قرار بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وبما يعنى الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الإسرائيلية. ومن المفيد أن تكون الانتفاضة الجديدة سلمية وشاملة وتتمتع بنفس طويل أيا كان حجم التضحيات. وإذا كانت العقلية الفلسطينية القادرة دائما على الإبداع قد أبهرت العالم بانتفاضة أطفال الحجارة عام 1987، وأكدت القدرة على تحمل التضحيات وأثبتت ما تتمتع به من نفس طويل بالرغم من كل الضغوط الإسرائيلية العاتية وشراسة التصدى لأبطال الانتفاضة والاستهانة بأرواح الفلسطينيين خاصة الأطفال، فإن نفس هذه العقلية قادرة على إبداع انتفاضة جديدة فى ظل هذه الظروف التى أصبحت أكثر تعقيداً. ومن المفيد أن يدرك الفلسطينيون بشكل واضح وقوى أن هذه قضيتهم بالدرجة الأولى وأنهم هم القادة وأصحاب القرار والمصلحة، وبالتالى فإنه من الضرورى أن يقبضوا على كل الخيوط منذ البداية. ويمكنهم أن يقولوا للعالم، إننا رغم كل ما بيننا من اختلافات سياسية وتباينات فى المواقف والتوجهات والانتماءات، قادرون على العمل معا من أجل الهدف الذى لا خلاف عليه، الحق فى دولة مستقلة قادرة على مواصلة الحياة داخل حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. إن الانتفاضة السلمية الطويلة النفس الصلبة التى ينخرط فيها الجميع خاصة القوى الشبابية صاحبة المستقبل ومالكة ناصيته هى الرد المناسب على القرار الأمريكي. وبقدر مايستفيد الفلسطينيون من دروس النضال الفلسطينى طوال العقود الماضية، بقدر ما يمكنهم إعداد خطط جيدة للمشوار النضالى الجديد، وبقدر استيعابهم التوازنات المحلية والإقليمية والدولية وللصراعات الدائرة وأطرافها وأهدافها فإنهم يمتلكون القدرة على تجنب العثرات وهى كثيرة. وهنا عليهم أن يتذكروا أنهم كلما أمسكوا الدفة بأيديهم ولم يتركوها فى أيدى الآخرين، تحقق لهم أكبر قدر من النجاح، وعلى سبيل المثال، فإن تصدر حركة فتح المشهد النضالى أدى إلى نتائج أفضل كثيراً من المراحل التى تصدى فيها آخرون لإدارة الصراع الفلسطيني، وبنفس القدر فإن القيادة الفلسطينية للانتفاضة الأولى تمكنت من تحقيق الأفضل إلى أن بدأت مرحلة المساومات. إن مثل هذه الانتفاضة الشاملة الطويلة النفس القادرة على تحمل التضحيات ستمثل وستعكس قدرة الشعب الفلسطينى على النضال من أجل قضيته العادلة جداً، ولا يمكن أن تقارن بالمظاهرات الزاعقة أو بحصار السفارات وبكل الطقوس المصاحبة مثل حرق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية. لمزيد من مقالات عبده مباشر