بقدر الغضب، الذى يسود العرب والفلسطينيين والأمة الإسلامية كلها من قرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وبدء الإعداد لنقل مقر السفارة الأمريكية إليها، بقدر ما تدعو الحاجة العرب جميعا إلى وقفة صادقة مع النفس، تتم فيها مراجعة الأمور بعيدا عن الشعارات والأوهام الموروثة منذ عشرات السنين. ومهما يكن حجم الغضب فإن أحدا لا يمكنه إنكار العديد من الحقائق التى تكاد تكون واضحة وضوح الشمس. وأولى تلك الحقائق أن ما نحن فيه الآن كان من أهم الأسباب الرئيسية فيه انقسام العرب أنفسهم، بل تأمر البعض منهم على البعض الآخر بمنتهى التجرؤ وعدم الالتزام وانعدام الضمير. والحقيقة الثانية، أن الانقسام والتشرذم داخل الساحة الفلسطينية نفسها، وعدم إتمام المصالحة، ورفض كل الفرص التى أتيحت، ومازالت متاحة، كان سببا آخر لما وصلنا إليه جميعا الآن. والحقيقة الثالثة، هى أن مصر كانت أكثر من ضحى بالدم والمال والجهد من أجل القضية الفلسطينية. وأما الحقيقة الرابعة، فهى أن قرار نقل السفارة ليس إلا حلقة فى سلسلة من الإجراءات والخطط لإنهاك الشعوب العربية، وتدمير الدولة الوطنية وجيوشها، أن جيش مصر الذى سيبقى بإذن الله حصن مصر ودرعها الأمينة هو الجيش العربى الوحيد الباقى فى المنطقة العربية بأكملها. ومن ثم فإنه بوضع كل تلك الحقائق فى الاعتبار سيصبح مطلوبا من العرب الآن إجراء وقفة مكاشفة صريحة، لتدارك الأمور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لمزيد من مقالات رأى الأهرام