كالعادة وصلنى مثلما وصل ملايين غيرى نذير السوء مبشرا بهجمة شرسة على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة من خلال رسائل وفيديوهات يتم إرسالها من منطقة مجهولة فى آسيا لعباد الله فى أرض الله.. الحدث ليس بجديد ففى بداية العام طيرت وسائل الإعلام خبر هجوم فيروسى ضرب 99 دولة عندما شن القراصنة هجوما واسعا على أنظمة الكمبيوتر الخاصة بمئات من الشركات الخاصة والمنظمات العامة فى جميع أنحاء العالم، باستخدام برمجيات يمكنها إغلاق برامج أجهزة الكمبيوتر وطلب فدية قبل أن يتم استعادة التحكم فيها مرة أخري.. المشكلة أن هذه النوعية من البرامج الضارة التى يستخدمها القراصنة لمهاجمة أنظمة الكمبيوتر لمطالبة الضحايا بدفع فدية للوصول إلى ملفاتهم أوإزالة البرامج الضارة أويتم استخدمها كأداة للهجوم فى عصر الحروب الرقمية أولمجرد هواية إلحاق الأذى بالآخرين، من الصعب اكتشافها قبل أن تلحق أضرارا بنسبة من مستخدمى هذه الأجهزة ، إذ تخدع هذه الهجمات المستخدمين بالضغط على روابط وهمية، سواء كانت فى رسالة بريد إلكترونى أوعلى موقع وهمى على شبكة الانترنت، مما يتسبب فى إصابة الكمبيوتر بالفيروس.. وفى بعض الحالات تؤثر هذه البرمجيات على أجهزة الكمبيوتر من خلال ظهور إعلانات لمواقع إباحية مرارا وتكرارا على الشاشة وفى حالات أخرى عن طريق ظهور نافذة منبثقة تنبه المستخدم بأن البيانات الخاصة به سيتم تدميرها إذا لم يدفع المبلغ المطلوب. ولقد جرت العادة أن تدور رحى الحرب برا أوبحرا أوجوا أوحتى فى الفضاء بالأسلحة التقليدية، لكن التطور التكنولوجى الحالى أضاف ساحة خامسة للحروب والمعارك هى الفضاء الافتراضى حيث تصبح المعلومة مقذوفا يتم تسديده لعقل وقلب المواطن والفيروسات نذيرا بالخراب سواء على مستوى الدول أوالافراد العاديين.. وفى دراسته «الإرهاب الالكترونى القوة فى العلاقات الدولية» يوضح الباحث عادل عبد الصادق تغير مفهوم القوة فى العصر الحالى، إذ لم تعد تعتمد كثيرا على الأرض أوالقوة العسكرية أوالموارد الطبيعية بقدر اعتمادها على المعلومات وفى محاولة اختراق قواعد البيانات أوالقرصنة أوتدمير المواقع وحروب الفيروسات وتدبير الجرائم الإرهابية والتواصل بين الخلايا الإرهابية وعمليات النصب والاستيلاء على الأموال. فى كتابه الحرب الرقمية يوضح ضابط المخابرات الامريكية السابق توماس ريد بعد أن استعرض الهجمات الرقمية التى وصلت لحد تهديد البنية التحتية والمنشآت الصناعية، أن هذه الهجمات معلوماتية كانت أم فيروسية أداة لغايات سياسية،كما تُستخدم فى أعمال التخريب والتجسس والتدمير، الامر الذى دفع البلدان المتقدمة لتنمية ترسانة دفاعية هجومية وإنشاء قيادات عسكرية متخصصة لهذه النوعية من الحروب. ففى عام 2010 شكلت الولاياتالمتحدة قيادة مشتركة بين مختلف الأسلحة لقيادة الحروب الرقمية الأمريكية . وحسبما تظهره بيانات شركة «سيمانتك» المتخصصة فى برامج مكافحة الفيروسات، تعتبر الولاياتالمتحدة أكبر مصدر للأنشطة الضارة على الإنترنت، فيما تشير بعض التقارير إلى أن آسيا تلعب دورا متزايدا فى التجسس الصناعي. ويشير كبير الخبراء الأمنيين للأسواق الناشئة الامريكى بولنت تكسوز لحقيقة تزايد الهجمات الفيروسية التى قد تشنها الدول أومتسللون نشطاء أوقراصنة يشكلون ظاهرة الجريمة الإلكترونية المنظمة التى باتت تستهدف بالدرجة الأولى المؤسسات الحكومية والصناعات بما فيها النفط والغاز». ومع الهجمات الفيروسية التى تهب علينا من الشرق والغرب والقليل من المعلومات الموثقة التى جاءت فى السطور السابقة والخطر المحدق بنا، ليس لنا من سبيل إلا بتنمية مهارات الاطفال والشباب فى مجال المعلوماتية وعدم الاكتفاء بالقدرة على استخدام آلات صماء وبرامج مستوردة ابتكرها الآخر.. ولعل البداية هى اعادة برامج اكتشاف المواهب فى مدارسنا التى اختفت فى غفلة من الزمن، وأن تتكاتف مؤسساتنا العلمية لرعاية المبتكرين والمخترعين الصغار، وإلا سنظل تحت رحمة فيروسات لا يعلم سوى الله ومبتكريها أى هدف تصيب فى المرة المقبلة. لمزيد من مقالات سناء صليحة;