لايزال الحزن يخيم على كل شبر فى قرية الروضة الحزينة ببئر العبد، فالصمت الحزين يخترق كل مكان، ورائحة الشهداء تملأ كل البيوت، ولا أحد يستوعب ما حدث. «الأهرام» قامت بجولة منذ الصباح الباكر، فعقب صلاة الفجر ذهبنا الى محيط الحادث، فكانت الصورة المؤلمة، فالحال تغير فى هذه القرية التى كانت تبدأ الحياة فيها مع آذان الفجر، حيث الاستيقاظ مبكرا لاداء صلاة الفجر في المسجد، وبعدها يجلسون في الديوان العام لذكر الله، وتبدأ الحياة الاجتماعية في السادسة صباحا يسعي الجميع لأرزاقهم، بيد ان كل هذه الظروف تغيرت فلا احد بالديوان يذكر الله كعهدهم، وقلة من الرجال تستخرج فرش المسجد لتنظيفه وغسله ،وآخر يتفقد الخسائر في سيارته، والنساء بمنازلهن لفترة الحداد. استوقفنا طفلان يتراوح عمراهم مابين العاشرة والثانية عشرة عاما، احدهما يدعي سالم، والآخر محمد، يقفان بجوار المسجد عقب صلاة الفجر مباشرة، وكأنهما يترقبان شيئا، رد سالم علي السؤال: نحن ننتظر آباءنا كالمعتاد بعد صلاة الفجر، بينما يصمت الآخر، وحالة من الذهول سيطرت علي الاطفال، فهم يدركون تماما ماحدث، ولكنهم لم يستوعبوا الموقف حتي اللحظة. قال الطفل سالم: استيقظت من النوم وتخيلت ان ماحدث حلم، فذهبت لصديقي محمد ليخبرني بان الامر حقيقي وليس حلما، وطلبت منه أن نذهب للمسجد لعله يكون حلما، وعندما وصلنا ووجدناه مغلقا، تأكدنا انه ليس حلما. وفي آخر القرية، يقف رجل مع عدد قليل من الرجال يدعى الحاج عيد ابو سالم بجوار سيارته المحترقة، يتفقدها بحسرة وآلم. وقفنا بجواره وهو يقول: لعنة الله علي الارهاب، افقدنا كل شئ حتي مورد رزقنا من السيارات حرقوها ودمورها وقتلوا الرجال والاطفال. واضاف: بأى ذنب قتلوا فما هو المبرر من قتلهم؟ وعن احوال القرية قال الحاج عيد: القرية راح رجالها والمحلات مغلقة بعد موت اصحابها، وقال كذلك ان القري المجاورة وشبابها يمدوننا بجميع المستلزمات من الاطعمة والملابس، وننتظر من المحافظة المزيد وخاصة ان النساء يقبعن في بيوتهم، ورب الاسرة الوحيد غالبا ما قتل في صلاة الجمعة. اما السيدات فيقمن في بيوتهن لفترة الحداد، وممنوع عليهن الخروج نهائيا من المنزل حتي لشراء حاجاتهن اليومية من اطعمة ومستلزمات حياة يومية، ولم يكن بامكاننا كرجال ان نتحدث معهن، لذا قامت سناء جلبانة رئيس المجلس القومي للامومة والطفولة بالتحدث معهن والتعرف علي اهم مشكلاتهن، والتي تمثلت في المطالبة بتوفير المستلزمات اليومية. واضافت ان اهالي القري المجاورة يمدونهن بجميع احتياجاتهم، وهذا ايضا غير كاف. وقالت ان السيدات قلن انه ليس هناك غذاء للمواشي والطيور التي نربيها بمنازلنا، فالحياة قد توقفت تماما. واضافت سناء ان الاوضاع بالقرية بالغة الصعوبة وطالبت الدولة بتوفير الرعاية الفورية للسيدات. اما نوال سالم رئيسة المجلس القومي للسكان، فقالت ان السيدات لديهن مشكلة اخري تتمثل في ان بطاقات التموين والتي غالبا مايحملها الرجال قد فقدت في اثناء المجزرة البشعة. اما نصر الله رئيس مجلس مدينة بئر العبد، فقال ان هناك ملحمة من ابناء بئر العبد بتوفير جميع الخدمات للاهالي في قرية الروضة، ونقوم بالدفع بمئات الشباب لبحث جميع الاحتياجات وتوفيرها فورا. واضاف ان هذة عادات وتقاليد اهالي العرب، بالاضافة للجهاز التنفيذي بالمحافظة، وأكد قائلا: لن نتركهم يعانون ابدا ونحن علي وجه الارض. فيما قام اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء وعلي الفور بالدفع بسيارات نصف نقل تحمل مساعدات غذائية ومستلزمات الحياة اليومية الي اهالي القرية. وقال المحافظ ان جميع مطالبهم مجابة علي الفور وان رعايتهم من اولي الاهتمامات. فيما اعلن عبد الله قنديل رئيس الغرفة التجارية بشمال سيناء انة تم توفير اعداد كبيرة من الاطعمة واللحوم والخضروات من التجار بالمحافظة، وجار ارسالها خلال ساعات قليلة. ومن جانبه، اكد فتحي ابو حمدة وكيل اول الوزارة بمديرية التموين، انه تم حل كل المشكلات، ومنها فقدان البطاقات التموينية. الظروف الصعبة دفعت اثنين من ساكني القرية والتي وفدوا اليها في فترات سابقة للتقدم بطلبات نقل لمحافظات اخري، حيث تقدمت كريمة عبد الفتاح بطلب الي محافظ شمال سيناء تطالب فيه بالنقل لمحافظة الفيوم بعد مقتل زوجها مدير مدرسة مزار، واصابة ابنها بإصابات خطيرة . وقالت السيدة اريد أن اعيش وسط اهلي، فليس لي احد هنا.