تعرف على موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمدارس كفر الشيخ    مياه الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية لبحث خطة التكيف مع التغيرات المناخية    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة    الفسيخ يتخطى ال300 جنيه.. أسعار الرنجة 2024 في كارفور والمحال التجارية قبل شم النسيم    جهاز دمياط الجديدة يشن حملة لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الثلاثاء    فرار 200 ألف إسرائيلي للملاجئ هربًا من مسيرات حزب الله    الجامعة العربية تشهد اجتماع لجنة جائزة التميز الإعلام العربي    أصدرت عبوات تحمل شعار النادي.. جماهير الأهلي تطالب بفسخ التعاقد مع كوكاكولا    رسميا.. تحديد موعد نهائي كأس إنجلترا    وزير الشباب والرياضة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان المرحلة الأولى لتطوير استاد العريش    إصابة 5 أشخاص في حريق داخل منزل بقنا    إدارة المنيا التعليمية تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام    إحالة أوارق المتهم بقتل شاب وسرقة مقتنياته في الشرقية للمفتي    بدءا من اليوم.. برنامج حافل لقصور الثقافة احتفالا بعيد تحرير سيناء    احتفالاً بذكرى تحرير سيناء.. متحف السكة الحديد مجاناً للجمهور غدا    توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    وزير المالية: 1.5 مليار جنيه حوافز نقدية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    بيلجورود الروسية تكشف عدد الق.تلى المدنيين في هجمات أوكرانيا منذ بدء الحرب    بقرار من الرئيس.. بدء التوقيت الصيفي الجمعة المقبلة بتقديم الساعة 60 دقيقة    وزير العدل يفتتح مؤتمر الذكاء الاصطناعي وأثره على حقوق الملكية الفكرية (صور)    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    الحكومة: إنشاء منظومة تعليمية متكاملة لأهالي سيناء ومدن القناة    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    شكسبير كلمة السر.. قصة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب    بيومي فؤاد يتذيل قائمة الإيرادات.. أسود ملون الأضعف في شباك تذاكر الأفلام (بالأرقام)    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    بطولة أبطال الكؤوس الإفريقية.. فريق الزمالك لكرة اليد يواجه الأبيار الجزائري    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    غدا .. انطلاق قافلة طبية بقرية الفقاعى بالمنيا    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع ميت؟

شبكة القنوات الفضائية الخاصة الساعية لاستعادة انتشار فقدته، تُقرر أن تبدأ حملة إعلانية موسعة، معتمدة على (سبقٍ إعلاميٍ غير مسبوق) يكون عنوانا لبرنامجها الرئيسى!، تتوالى اجتماعات فرق الإعداد للتجهيز واستعراض الأفكار ودعمها بالوثائق، وتحديد الكلفة المالية اللازمة، كل فرق الإعداد يتنافسون على تصدر مشهد (السبق غير المسبوق)، حتى يثبتوا جدارة وولاء، يؤهلان لرضا إدارة القناة، الذي تُتَرجِمهُ عبر صرف أجور انقطعت خلال شهور عِجاف وَلَّتْ!.
حين تصل أفكار فِرَق الإعداد إلى (إدارة الشبكة)، تتجه الأنظار إلى ملف يحمل عنوان (حوار مع جثة)، وهي الفكرة التي يستعرضها الملف بإيجازٍ في صدر صفحاته، مؤكداً أن الهدف هو فضح (مافيا التجارة بالأعضاء)، من خلال تسليط الضوء على حياة أحد ضحايا هذه التجارة المحرمة، والذي تم التعرف على بقايا جثته بعد اختفائها بفترة، بينما اكتشف أهل الضحية غياب معظم أعضائه الداخلية وبعض الخارجية، ويبدأ البرنامج من أسئلة محددة يطرحها مذيع البرنامج، وحيث إن الضحية كان من هواة التصوير، فإن إجابات الأسئلة تتمثل في مقاطع فيديو صورها الضحية لنفسه، وتحمل رؤاه وأفكاره حول حياته و آماله وخططه المستقبلية، ثم ينطلق البرنامج إلى رحلة البحث عنه بعدما فُقِد، ما بين المستشفيات وأقسام الشرطة والمشارح وصولا إلى (فتح المندل و قراءة الطالع)، وهي محطات طالما كان للضحية تعليقاته على سلبياتها وآثار هذه السلبيات على علاقة الجمهور بها وانعكاسات ذلك على علاقة الجمهور بوطنه، وأخيرا يختتم البرنامج فقراته بلقاءات مع أهالي الضحية -الجثة- ليعبروا عن مدى الفزع الذي سببه الحادث، والدروس التي استفادوها منه، والأبعاد الإنسانية التي تستوجب تنبه الجميع لمواجهة (مافيا الاتجار في الأعضاء). ينتفض مدير الشبكة الفضائية من على كرسيه، يصفق بيديه فيتبعه الحضور تصفيقاً بينما تعلو يدا المدير بملف الفكرة ويهتف (هيا دي الأفكار اللي تعلم) ثم يجلس متنفسا الصعداء فيتبعه الجميع جلوسا، ينظر إلى الملف فيما يده اليمنى تفتش عن القلم في جيب (الجاكيت السينييه)، تلمع عيناه بنظرة الإبداع الإعلامي يرمي بها إلى وجوه الحضور فتتهلل، يشطب عنوان الملف ويكتب بخطه الذي يُلغِزُهْ انتسابه لنقش الفراخ، وببعض تدقيق يَقرأ الجميع (حوار مع ميت)، ويصفق الحضور لهذه الإضافة التي أثرَت العنوان وأعطته أبعاداً وإدهاشا وإنعاشا وأوصافا أخرى كثيرة تنتهي جميعها بالتنوين!
لا تتوقف أفكار مدير الشبكة الجديد عن الانهمار إبداعا إعلاميا يعيد صياغة نظريات الإعلام القديمة والحديثة وما بينهما على حد وصف أحد مديري فرق الإعداد الواعدين، فيبدأ في إعادة صياغة محاور الفقرات الثلاث ليكون الحوار مع جثة لرجل زاهد في الدنيا وصاحب بركات وله تسجيلات لدروس ومواعظ، وليكون الجزء الأول حول الزهد في الدنيا ومتاعها، وعدم الاغترار بفتنها من مأكل ومشرب وملبس، وضرورة الصبر على بلائها ووجوب طاعة كل أولي الأمر فيها، أما الجزء الثاني فسيكون عن عظة الموت وهوان سكراته أمام خلود الآخرة وما تضم من نعيم مقيم أو عذاب أليم، ثم تكون النهاية مع رفاق الميت وأحبابه وأقاربه الذين يروون مشاهداتهم لبركات ساعة الاحتضار، ونوادر السكرات باختصار، وعلامات القبول لحظة الانتقال، ثم ينزل تتر النهاية بينما دموع المذيع تنهمر، وفي الخلفية إحدى أغنيات الفنان مصطفى كامل الحزينة طبعاً! يتبع ذلك السرد تأكيد مدير الشبكة أنه شخصيا يعرف بطرقه الخاصة ثلاثا من الشخصيات التي تنطبق عليهم مواصفات الجثة، وجميعهم في أيامهم الأخيرة والأعمار بيدي الله، ويقرر أن يوجه ثلاثة فرق عمل إلى ثلاثة عناوين في محافظات مختلفة ليسجلوا اللحظات الأخيرة قبل أن يحمل عزرائيل الروح إلى باريها.! ومن فورهم تتكاثف جهود فرق العمل والتسويق لإنتاج ونشر (برومو) الحلقة الأولى من برنامج الشبكة الرئيسى والذي ينفرد بأول (حوار مع ميت). وبينما انشغل الجمهور العريض بمتابعة الحوار مع الميت، كان الموت يتحرك حرا طليقا، ينشر نداءاته عبر حناجر تجارة الأعضاء والأفكار والفتاوى والتنظيمات والمحسوبيات، يتحرك ليخنق كل وعيٍ يقاوم وليحارب كل أمل يلوح، وليجتث كل بادرة لحياة، بينما في الخلفية رؤوس مشدوهة إلى الشاشات وأصوات الزاهد الراحل تنبعث منه تؤكد أن الله خلقنا لنعود إلى رحابه بالموت، ودموع المذيع تنهمر، وصوت الفنان مصطفى كامل يشدو (في وسط الدنيا الخاينة)! خلف كل الجموع، وفي ركن منزوٍ بالحارة القديمة يجلس (أيوب المصري)، يمص عود قصب وهو يتطلع إلى الجماهير المشدوهة، يقضم قطعة كبيرة من العُقلة، بينما ينبعث تجشؤه مزلزلا فيهتف (صحة يا أيوب وانتباه يا مصر، مافيش ميت بيتكلم). تبقى ملاحظة لازمة، أي تشابه بين حوار الميت وأي حوار مع إرهابي فهو ليس من باب (التحوير على حد)!.
لمزيد من مقالات ◀ عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.