لدينا عبارة شهيرة دارجة تقول (العيَا مُر) دلالة على قسوة الأمراض وشدة بطشها، وها نحن قد ابتلينا بجحافل من السماسرة والمحتكرين تاجروا وتلاعبوا بآلام المرضى والمحتاجين ليحصلوا على مليارات مغموسة بلعنات المرضى وسخطهم بعد أن أصبحت كل روشتة كأنها لغم ينفجر فى وجه المرضى بمجرد سماع سعر محتوياتها فتفيض أعينهم من الدمع حزنا وحسرة على ماهم فيه فأصبح الدواء أكثر مرارة وألما من الداء ذاته، وبات من المشاهد التى لا تنكرها عين أن نرى مرضى نفوسهم مكسورة ورؤوسهم منكسة يخرجون من أبواب الصيدليات وقد ارتسمت على وجوههم علامات الهم والحزن.. فكم هو صعب على النفس أن يشعر الإنسان بمخالب الأمراض تنهش فى جسده وهو عاجز عن صد مداهمتها وفتكها المبرح بعد أن تغولت أسعار الدواء متخطية كل حدود المنطق والعقل. إن سوق الدواء فى مصر لحقها عوار عنوانه «الفوضى والاحتكار والابتزاز وخراب الضمائر» إذ يتولى أمرها ذئاب بشرية لا ترقب فينا إلا ولا ذمة. وإذا كان الأمر كذلك فثمة سؤال جوهرى. من يحمى المرضى البؤساء بعد أن أصبحوا نهبا لنفوس جوعى بنهم المال والثراء؟ ومتى تتناول الحكومة حبوب وأمصال الجرأة لمواجهة هذه المافيا، وعدم ترك صناعة الدواء والتى هى جزء من أمننا القومى فى ايدى أناس يعيثون فيها فسادا وطمعا وجشعا؟.. ان أخشى ما أخشاه أن يأتى علينا يوم يضطر فيه المريض إلى أن يتردد على الصيدليات عدة مرات فى اليوم الواحد ليأخذ علاجه (حبة حبة) أو (رشفة رشفة) فتتراكم عليه الآلام والأوجاع. عبد الحى الحلاوى مدير عام بالمعاش قوص