«شباب النواب»: تحرير سيناء يعكس عظمة الجيش.. واهتمام السيسي بها غير مسبوق    «برلمانية الوفد بالشيوخ» مهنئة السيسي بتحرير سيناء: مسيرة طويلة من التضحيات    مدبولي: دعم الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    نقيب الأطباء: تنفيذ العقوبات الصادرة بقضية الاعتداء على طبيبة دمياط    برلماني يطالب الحكومة بزيادة مخصصات «الأبنية التعليمية» في الموازنة الجديدة    نائب رئيس جامعة عين شمس يترأس الاجتماع الدورى لمجلس شئون الدراسات العليا والبحوث    7 أيام إجازة.. اعرف موعد شم النسيم وعيد العمال رسميًا بعد التعديل    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 24-4-2024 في قنا    بعد نجاح تجربة البن.. برلماني يطالب بالتوسع في زراعة المحاصيل المستوردة    القضاء على الروتين    رئيس وحدة المكافحة بالعدل: مصر تحرص على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب    سداد 8.16 مليار دولار فوائد وأقساط ديون خارجية بنهاية الربع الأول من 2024    «خطة النواب» تعقد 4 اجتماعات اليوم لمناقشة الموازنة العامة للدولة (تفاصيل)    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فتاة فلسطينية بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن    الديوان الملكي الأردني: الملك عبد الله الثاني يأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية في محيط مستشفيين بغزة داهمهما الاحتلال    انتفاضة في الجامعات الأمريكية ضد حرب غزة.. والخيام تملأ الساحات    أ ف ب: إيران تقلّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة    الصحف الأوروبية| لو باريزيان: باريس يسعى لضم لامين يامال.. تليجراف: أرسنال ومانشستر سيتي يتنافسان لضم نجم نيوكاسل    موعد مباراة ليفربول وإيفرتون اليوم في الدوري الإنجليز والقناة الناقلة.. والمعلق    لتأكيد الصدارة.. بيراميدز يواجه البنك الأهلي اليوم في الدوري المصري    مفاجأة.. يوسف أوباما يقترب من نادي بيراميدز    الداخلية تواصل جهود مكافحة جرائم الاتجار في المواد المخدرة    كشف ملابسات واقعة مقتل عامل بالمنوفية.. وضبط مرتكب الواقعة    بعد 12 واقعة.. التحقيق مع تشكيل عصابي لسرقة السيارات في العجوزة    المشدد 10 سنوات والسجن 15 سنة لأم ونجلها بتهمة قتل ابنتها في الشرقية    الزفاف يتحول إلى جنازة.. اللحظات الأخيرة في حياة صديقة عروس كفر الشيخ    بدء اليوم الثاني من مؤتمر وزارة العدل عن الذكاء الاصطناعى    اليوم.. رامي جمال يطرح ألبومه الجديد "خليني أشوفك"    نصيحة مهمة لتخطي الأزمات المالية.. توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أبريل    فيلم شقو يحقق 52 مليون جنيه في أسبوعه الثاني بالسينمات    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    الكشف على 1335 مرضى فى قافلة علاجية في قرية أبو نور الدين مركز جمصة    طريقة عمل عصير الليمون بالنعناع والقرفة.. مشروب لعلاج الأمراض    6 تعليمات من «التعليم» بشأن امتحانات «الترم الثاني».. منها وضوح الأسئلة    «الشيوخ الأمريكي» يوافق على مشروع قانون لفرض قيود على «تيك توك»    DMC تعرض تقريرا عن الفنان الراحل محمود مرسي في ذكرى رحيله    النقل: تقدم العمل بالمحطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    رئيس البنك الأهلي يكشف كواليس ضم أسامة فيصل.. ومفاوضات الأهلي مع أبو جبل    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    بالتزامن مع حملة المقاطعة «خليه يعفن».. تعرف على أسعار السمك في الأسواق 24 أبريل 2024    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياحلاوة شمسنا وخفة ظلنا.. وعظمة فننا!
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 10 - 2017

فاجأني مجموعة شباب تشرح القلب وتسر العين« كما كانت تقول جدتي لأمي وقد جاءوا علي غير موعد بسؤال توقعته من أمثالهم ومن هم في مثل سني عمرهم.. وهي للحق أجمل سني العمر.. سني اليقظة والحلم والتفتح والشقاوة والجرأة في النقاش..وعدم الاقتناع بما يقدم لهم وما يقال لهم.. حلوا طيبا كان أم مرا علقما.. صحوا كان.. أم مطرا.. مقنعا للعقل كان.. أم محبطا للآمال!
قالوا: سنعيد عليك سؤالا طرحته أنت في كتابك: »100 سنة سينما«.. السؤال يقول: أين نحن من أفلام الزمن الرائع: العزيمة + الأرض + زينب + الزوجة الثانية + فاطمة + بين القصرين + قصر الشوق + لاشين + القاهرة 30 + الماضي المجهول + أرض النفاق + تمر حنة + الناصر صلاح الدين + وا إسلاماه + المليونير + وداعا ياغرامي + البوسطجي + جعلوني مجرما + المرأة المجهولة + الطريق + شئ من الخوف + الكرنك + البريء + أعز الناس + المومياء ؟
قلت: ياه.. دا أنتم مذاكرين كويس خالص!
قلت لهم: لقد نسيتم فيلما واحدا من أفلام ذلك الزمن الجميل يجمع كل ألوان الفن السينمائي والغنائي والرقص التوقيعي والموسيقي والقصة الجميلة التي تعيش فيها مع كل مشهد... بل كل لقطة في بهجة وانشراح وسعادة غامرة..
يسألونني: كل هذا في فيلم سينمائي واحد؟
قلت نعم.. ما رأيكم في فيلم «غرام في الكرنك»..؟
قالوا: آه صحيح عندك حق؟
تعالوا نستعرض معا هذا الفيلم الرائع الذي يجمع كل ألوان الفنون في عمل فني واحد... بل انه يقدم لنا أرقي ما وصل إليه الفن المصري في الستينيات وحتي الثمانينيات، وهي آخر سني الفن عندنا التي بعدها بدأت شعلة الابداع المصري في الاظلام رويدا رويدا... حتي اطفأها الغوغاء والدهماء الذين سيطروا علي الوسط الفني بفنهم الرخيص.. ممثلين «نص كم ».. وممثلات كثيرات منهن لا يملكن من ألوان الفنون إلا ما يصلح لغرف النوم... وكل ذلك بحجة أنهم نجوم شباك... وأن الجمهور عاوز كده!:
(1) قصة الفيلم بسيطة وسهلة دون تعقيد ودون انفعال... فرقة فنون شعبية استعراضية غنائية راقصة... مازالت في أول الطريق... دون تمويل من أي جهة حكومية أو متعهد أو ممول أو منتج عربي أو حتي أرمني.. جمعوا كل ما لديهم واستلف البعض وكونوا الفرقة... وراحوا يتمرنون شهورا حتي جاء وقت شعروا فيه بأنهم قد آن الأوان لكي يقدموا فنهم الراقي للجمهور المصري في كل مكان... واختاروا مكانا يبعد عن القاهرة بنحو 700كيلو متر هو مدينة الأقصر أعظم مدينة أثرية في العالم.. وقد اختاروها بالذات... لأنها مكان جذب للسياح القادمين من أنحاء العالم... وسوف تقدم لهم الفرقة ملامح الفن الشعبي المصري من رقص وغناء وتمثيل.
(2) وركبوا القطار أيام أن كان لدينا قطار عظيم لا يتعطل ولا يحترق بركابه ولا يخرج عن القضبان وفي القطار تحدث مفارقات وحكايات وقفشات ظريفة بطلها الكوميديان الذي لا يتكرر الذي اسمه عبد المنعم إبراهيم.
(3) ولكي يكمل العمل الدرامي تتسلل قصة حب وليدة بين بطل الفيلم محمود رضا وفريدة فهمي بطلة الفرقة، وهي راقصة شعبية جديدة في الفيلم طبعا... ولا بأس من قبلة مسروقة بين الحبيبين في القطار المسافر ليلا إلي الأقصر.. تعطي المشهد بهجة وحلاوة وطلاوة..
حلاوة شمسنا.. وخفة ظلنا!
(4) وفي الأقصر تنزل الفرقة في «الونتر بالاس» أحد أشهر الفنادق في العالم... ثم تبدأ رحلة التصاريح حتي تسمح مصلحة الآثار للفرقة ببناء مسرح خشبي في معبد الكرنك... ليفاجأ الجميع بأن الموظف المسئول عن التصاريح هو نفسه تحتمس أفندي الذي تشاجروا معه في القطار... فيرفض منح الفرقة التصريح المطلوب قائلا لهم: هو أنتم عاوزين تقلبوا معبد الكرنك لكباريه!.
(5) ويحزن الجميع... ويمشي بطل الفرقة محمود رضا حائرا في طريق الكباش.. ويجلس تحت إحداها ويغلبه النوم يحلم حلما جميلا بدعوة مندوب الفرعون له لحفل في قصره الفاخر...
وفي القصر يقدم بطل الفرقة مع فرقته فاصلا من الرقص والغناء الأصيل الذي يتحدث عن مصر الجميلة وشعبها الرائع في تابلوه غنائي راقص تتألق فيه فريدة فهمي برقصاتها المعبرة الجميلة مع كلمات أغنية. وموسيقي الرائع على إسماعيل:
حلاوة شمسنا وخفة دمنا...
الجو عندنا ربيع طول السنة...
قمر بلدنا اللي مافيش زيه... مافيش زيه..
ينور الليل حوالينا ويفرش الألماظ عا الميه..
ويعجب الفرعون الذي هو نفسه تحتمس أفندي موظف الآثار بالفن الجميل ويهدي محمود رضا رأس نفرتيتي هدية له... فيأخذها إلي الموظف الذي لم يمنحهم التصريح الذي يطلب البوليس له بوصفه لصا... ويصحو من الحلم الجميل علي أصوات بنات الفرقة يخبرنه بأنهن حصلن علي التصريح بعد أن أضحكن تحتمس أفندي ورقصن له!.
(6) نسيت أن أقول ان غراب البين الذي قام بدوره الممثل القدير كمال ياسين ابن خالة فريده فهمى في الفيلم طبعا... قبل السفر إلي الأقصر كان قد قال له كذبا انه كان يذهب مع الراقصة الجديدة فريدة فهمي إلي السينما معا... فيحاول محمود رضا بعد أن أصيب بصدمة أن يتجنب محبوبته، وهما يزوران معبد حتشبسوت في البر الغربي، حيث غني محمد العزبي لحنا رائعا لأعظم ملكة حكمت مصر.
(7) وتحاول الراقصة المحبوبة الشابة أن تعرف سبب هذا التحول... ليفاجئها حبيبها بأنه لم يكن يحبها، ويطلب منها نسيان كل ما حدث بينهما!.
وتنفعل المحبوبة الصغيرة، وتقرر العودة إلي القاهرة في ليلة الافتتاح نفسها بالطائرة!.
(8) ولعل أجمل ما في الفيلم للحقيقة عملية بناء المسرح... بطريقة هندسية موسيقية رائعة مع كل مسمار وكل لوح خشب حتي أصبح المسرح جاهزا للعرض!.
(9) وفي الطريق إلي ليلة الافتتاح تركب الفرقة الحناطير، وتقدم أغنية رائعة مع رقصات في الشارع علي وقع خطوات الخيل وتصفيق المارة... في أغنية مازالت حية حتي يومنا هذا تقول كلماتها:
الأقصر بلدنا... بلد سواح فيها الأجانب تتفسح..
ولما ييجي وقت المرواح... تبقي موش عاوزه تروح... وتسيب بلدنا
لوحة جمالية موسيقية راقصة مع أغنية تتحدث عن أمجاد مصر أيام كان لها أمجاد وطيبة أهل مصر في أعظم مدينة أثرية في العالم!.
(10) وتكتشف المحبوبة سر تغير حبيبها من كذبة ابن الخالة فتلغي السفر.. ويعرف الحبيب أن حبيبته له وحده فيعودان إلي سيرة حبهما ويقدمان أجمل رقصات ليلة الافتتاح الناجحة.. في تابلوهات شعبية راقصة تصور عادات مصر وتراثها الشعبي الأصيل الذي نسيناه.. ولكنه لن يموت أبدا!

يسألونني: هل من الممكن أن ننتج فيلما مثل غرام في الكرنك هذا الآن؟
قلت: صعب جدا.. بعد رحيل كل نجوم الفيلم بالموت أو بالكبر.. أو بالاعتزال.. ولا يوجد لدينا نجوم أو نجمات يصلحن الآن لمثل هذه الأفلام الاستعراضية الجميلة. ولا موسيقيين ولا حتي مطربين.
وبعدين فيلم زي ده يتكلف أكثر من 500 مليون جنيه.. إذا اعتبرنا أن أسعار نجوم هذه الأيام أصبحت بالملايين مثل عمنا وصديقنا العزيز عادل امام الذي يأخذ في المسلسل الواحد 70 مليون جنيه.. وبطل يعمل أفلام!
قالوا: ياخبر 70 مليون جنيه حتة واحدة؟
قلت: ربنا يزيده هو يستاهل أكتر.. وبعدين من أين نأتي بمحمود رضا آخر وفريدة فهمي أخري.. ومخرج عبقري مثل الخال علي رضا؟
قالوا: واللا موسيقي وألحان الفيلم.. من أين نأتي بعبقري آخر مثل المايسترو علي اسماعيل؟
قالوا ضاحكين: خللونا مع الأكتع وأبورجل مسلوخة، واللا مطربين آخر الزمان إللي ربنا ابتلانا بيهم.. والمطربات اللي بيخوفوا بيهم العيال آخر الليل عشان يناموا من غير عشا!.. بعد ما الدنيا بقت نار في الأسعار!
قلت لهم: ياه دا انتم مليانين ومعبيين زيّّي.. علي الآخر!..
يسألونني: ألم تقابل في حياتك الصحفية المليئة بالأحداث والشخصيات.. أيا من أبطال هذا الفيلم الجميل؟
قلت لهم: قابلت..
يسألونني: من؟
قلت: البلبل الصداح الذي اسمه محمد العزبي..
يسألونني: وماذا قال لك؟
قلت لهم: دعوني أتذكر.. لقد كان محمد العزبي حريصا علي حضور حفلات مجلة علاء الدين مجلة الاطفال الاولى عربيا ولو كره الكارهون باعتراف مؤسسة هورايزون للأطفال في لندن وكنت أنا رئيسا لتحريرها.. وتركتها وهي توزع 76 ألف نسخة أسبوعيا.. وأسألوا عمنا ابراهيم نصر مدير توزيع الأهرام أيامها..
نعود إلي عمنا محمد العزبي أجمل صوت شعبي بعد عمنا محمد عبدالمطلب وعمنا محمد الكحلاوي والخال محمد رشدي.. الذي غار منه عبدالحليم وطلب من عمنا وصديقنا الشاعر العظيم عبدالرحمن الابنودي أن يكتب له أغنية مثل أغنية عدوية وأغنية تحت السجر ياوهيبة.. فكتب له أغنية وموال: أنا كل ما أقول التوبة.. ترميني المقادير!
قال محمد العزبي: انهم أمضوا أسبوعا بحاله أمام معبد حتشبسوت في البر الغربي للأقصر.. لكي يصوروا أغنية للملكة حتشبسوت.. أما أغنية: «الأقصر بلدنا.. بلد سواح» فقد استغرقت هي الأخري ثلاثة أيام تصوير وعرق وصبر!
....................
....................
إيه.. كانت أيام وراحت وراء الشمس ودقى يامزيكه!{
هل توقفت أمنا مصر عن الإنجاب؟.. هل غابت شمس مصر الولود الودود واظلمت الدور وانطفأت مصابيح العشق والحب والفن الجميل؟
Email:[email protected]
لمزيد من مقالات عزت السعدني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.