بمناسبة عيد تحرير سيناء.. الرئيس السيسي يلقي كلمة هامة للمصريين    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    أسعار العملات اليوم الخميس 25 أبريل.. الريال السعودي وصل لكام؟    طريقة تغيير الساعة بنظام التوقيت الصيفي (بعد إلغاء الشتوي خلال ساعات)    قائمة السلع الأساسية اليوم 25 أبريل.. ما بين ارتفاع وانخفاض    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ البنية الفوقية لمحطة الحاويات «تحيا مصر 1» بميناء دمياط    قطع المياه عن سكان هذه المناطق بالقاهرة لمدة 6 ساعات.. اعرف المواعيد    عيد تحرير سيناء.. جهود إقامة التنمية العمرانية لأهالي أرض الفيروز ومدن القناة    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    في حماية الاحتلال.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى    تفاصيل اجتماع أمين صندوق الزمالك مع جوميز قبل السفر إلى غانا    متى تنتهي الموجة الحارة؟.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجة الحرارة اليوم وغدًا (الأمطار ستعود)    بينهم 3 أشقاء.. إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص مع ربع نقل في أسيوط    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بحوش في سوهاج    شاب يُنهي حياته شنقًا على جذع نخلة بسوهاج    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    6 كلمات توقفك عن المعصية فورا .. علي جمعة يوضحها    حكم الحج بدون تصريح بعد أن تخلف من العمرة.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    «الاتحاد الدولي للمستشفيات» يستقبل رئيس هيئة الرعاية الصحية في زيارة لأكبر مستشفيات سويسرا.. صور    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    إزالة 7 حالات بناء مخالف على أرض زراعية بمدينة أرمنت في الأقصر    اليوم، الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة مازيمبي    مستشار سابق بالخارجية الأمريكية: هناك موافقة أمريكية على دخول القوات الإسرائيلية لرفح    «الأهرام»: سيناء تستعد لتصبح واحدة من أكبر قلاع التنمية في مصر    «الجمهورية»: الرئيس السيسي عبر بسيناء عبورا جديدا    إعلام فلسطيني: شهيد في غارة لجيش الاحتلال غرب رفح الفلسطينية    عائشة بن أحمد تتالق في أحدث ظهور عبر إنستجرام    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    بالصور.. نجوم الفن يشاركون في تكريم «القومي للمسرح» للراحل أشرف عبد الغفور    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    تجربة بكين .. تعبئة السوق بالسيارات الكهربائية الرخيصة وإنهاء الاستيراد    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    عماد النحاس يكشف توقعه لمباراة الأهلي ومازيمبي    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفاء بالجهل والبلاهة
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 10 - 2017

العلاقة بين السينما والمجتمع فى مصر علاقة معقدة جداً، تسير فى الغالب على العكس تماما مما تعارفت عليه الأمم التى تتشابه مع مصر فى عمق تاريخها السينمائي، ففى تلك الدول خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية تعكس السينما توجهات المجتمع، وتتأثر بتحولاته الكبرى، وتعالج مشكلاته الجوهرية انطلاقاً من الواقع، وليس من خلال تجاوز الواقع، أما فى الهند فالسينما تقوم بدور سياسى رائد فى تحقيق تمازج الأديان والأعراق، ونشر قيم التسامح، وقبول الآخر، وبناء الهوية الهندية الواحدة، وبالرغم من انتشار الخيال فى السينما الهندية فإن هناك أفكارا مركزية مهمة تتحقق من وراء هذا الخيال الجامح.
أما فى مصر فقد لعبت السينما هذا الدور عندما كان للدولة رؤية ثقافية مركزية، وكانت هناك خطة محددة للفنون والآداب، وكانت السينما تحقق تلك الخطط والأهداف من خلال توظيف الفن بكل صوره وأشكاله، أما حين تركت الدولة صناعة السينما للقطاع الخاص الذى يسعى فقط للربح، والربح السريع المبالغ فيه، دخل مجال صناعة الوعى تجار وطامحون ومغامرون ومقامرون بكل شىء حتى هوية المجتمع وأخلاقه ومستقبل شبابه، كل شىء قابل للانتهاك والتدمير مادام ذلك يؤدى إلى زيادة التوزيع.
وفى خضم السعار اللاهث وراء الربح صارت القيمة الوحيدة فى المجتمع هى المال، وماعداها قابل للبيع، أو للتضحية، أو للانتهاك فى سبيل الحصول على المال، والمال هنا يأتى من تقديم ما يجذب المستهلك، وما يشبع غرائزه ورغباته الوقتية دون النظر إلى ما هو أبعد من اللحظة الحاضرة، وهنا يصبح شباك دور العرض السينمائي، والإعلانات هما المعيار الوحيد لتحديد جودة المنتج الفني. ومع تدهور الحالة الثقافية فى مصر، وانتشار الأمية الكتابية والأمية الثقافية، صار الإنتاج السينمائى والتليفزيونى يلهث لمواكبة الواقع المتدهور، وبدلا من أن ينتشل ذلك الواقع من حالته الدنيا، ويرتقى به إلى مقامات أعلى فى المكانة الإنسانية، والى موضع أعلى فى الرقى الاجتماعي، بدلا من القيام بهذه المهمة النبيلة التى وجد الفن أصلا ليقوم بها، للأسف قامت صناعة السينما والإنتاج التليفزيونى فى مصر بالعكس، فقد أوغلا فى التدهور لمواكبة احتياجات الشباك والإعلانات، وإرضاء أذواق متدهورة بصورة مستمرة هنا جاءت شخصية اللمبي.
ظهرت شخصية اللمبى فى فيلم الناظر 2000، وبعدها فى فيلم اللمبى 2002، وكانت بداية لبروز ظاهرة جديدة فى مصر، وهى ظاهرة الاحتفاء بالبلاهة والجهل، وتحول الأبله، مصدراً للضحك والقهقهة العالية، ووسيلة للترفيه، ثم انتشرت هذه الظاهرة لتعم كل جنبات الحياة.
كان نتيجة كل ذلك أن صار نمط حياة الفئات الدنيا ثقافياً فى المجتمع هو القدوة والنموذج والأسلوب الذى يقلده المتعلمون والمثقفون وأبناء الطبقات الوسطى والعليا، فلكى تكون «جدع» أو جذابا أو «كول» عليك أن تقلد هؤلاء فى طريقة الكلام، وفى العبارات، وفى الشتائم، وفى الألفاظ السوقية وهنا انهارت منظومة الإتيكيت فى المجال العام، وأصبح طبيعياً أن تسمع ألفاظاً فى التليفزيون أو السينما كانت تلك الألفاظ خادشة للحياء من وقت قريب، وكانت تعبر عن دونية من يتفوه بها، بعبارة أخرى حدثت حالة تدهور فى الخطاب الثقافى العام، وانتقلت تلك الحالة إلى التعبير الأدبى والروائي، ومن ثم إلى الإنتاج الفنى فى السينما والتليفزيون، ودخلنا فى متوالية من التدهور الثقافى لا تظهر لها نهاية.
يكفى أن تنظر إلى المتحاورين فى البرامج التليفزيونية، وترى طريقة الكلام، وأسلوب تحريك الشفاه وحركات العيون، تجد هناك هوسا بتقليد لغة الصنايعية وأبناء الكيف، ينطبق هذا حتى على مقدمى البرامج الدينية والسياسية الجادة، الجميع يحاول أن يقلد لغة الجسد عند البلهاء من البشر، وكأن ذلك صار وسيلة للإقناع، أو إثبات أن المتحدث «ولد صايع ما «حدش يقدر يغلبه» بلغة هؤلاء، ومن يقلدونهم.
هنا صار المجتمع يحتفى بأدنى فئاته ثقافياً وأخلاقياً، فبدلاً من الارتقاء بهم لمستوى أخلاقى وقيمى يجعلهم فى موقع أفضل، نزل المجتمع ومثقفوه إليهم ليعيشوا معهم فى الدرك الأسفل من القيم والعادات والأخلاقيات، والأمر لا يتعلق بالغنى أو الفقر، ولا بالتعليم والأمية، بل يتعلق بمنظومة القيم، ومراعاة قواعد السلوك المرعية التى يسمونها «الإتيكيت» ويكفى أن نعود للسينما المصرية من الثلاثينيات والأربعينيات حتى ستينيات القرن الماضى لنعرف كيف كانت لغة وطريقة تعامل الخادمة والبواب والساعي، الفلاح، وكل فئات المجتمع، الجميع كان يتعامل بلغة راقية وتعبيرات وجه راقية، وأسلوب راقٍ، ولم يكن هناك من يتكلم بهذه اللغة وتعبيرات الوجه التى نراها فى الفضائيات المصرية، والأفلام المصرية إلا الأشقياء والمجرمون داخل السجون، أو فى مخابئهم.
كنا مجتمعا راقياً فى الملبس، وكنا نفرق بين ما يلبس فى الأماكن العامة، وما يلبس فى البيت، كان من المستحيل مقابلة ضيف بملابس النوم، نحن اليوم نعيش فى حالة انعدام احترام الذات فى الملبس والكلام وطريقة التعامل، تلك الحالة أفقدت المجتمع مفهوم الإتيكيت، فلم يعد هناك قواعد عامة للسلوك فى المجال العام والأماكن العامة فهل يمكن أن يكون هذا الموضوع على أجندة وزارتى الأوقاف والثقافة.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.