تلاحقت ردود الأفعال على التقرير الأخير الذى أصدرته المنظمة الحقوقية غير الحكومية «هيومن رايتس ووتش» عن مصر، والادعاء الكاذب «باستخدام التعذيب الممنهج ضد المعارضين، ويشكل - من وجهة نظرها - جريمة محتملة ضد الإنسانية بسبب انتشاره وممارسته بشكل ممنهج»، واستندت إلى أن وقائع التعذيب كانت بين عامى 2014 إلى 2016، وبغض النظر عما اثير عن قبول تلك المنظمة تبرعات من دول راعية للإرهاب، مما يشكك فى مصداقية تقاريرها وتسييسها على خلاف أهدافها، بل وانعدام المصدر الموثق لبياناتها على وجه الجزم واليقين ، والسطور التالية تشير الى وجود الأدلة والبراهين الدالة على كذب وافتراء ما جاء فى هذا التقرير . ومن بين هذة الأدلة الدامغة على كذب التقرير المذكور حكم مهم أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، فى الدعوى رقم - 90- لسنة 13 قضائية بجلسة 11 يناير 2016 - أى فى نطاق ذات التوقيت الزمنى الذى حددته تلك المنظمة، ويقع الحكم فى أربع عشرة صفحة يثبت انتفاء شبهة ممنهجة التعذيب عن جهاز الأمن المصرى من خلال ما سطره هذا الحكم من مبادئ وأدلة قاطعة تعكس مدى التزام منهج وزارة الداخلية برعاية حقوق الإنسان، وأنها لا تتستر على أى واقعة يرتكبها أحد ضباطها، ورفضت المحكمة دعوى أحد الأشخاص بمطالبة الوزارة مائتى الف جنيه تعويضا عما ادعاه من تعذيب، وهو مالم يثبت أمام المحكمة واعتبرت التعذيب خطأ شخصياً يتجاوز المخاطر العادية للوظيفة الأمنية وليس مرفقياً بما مؤداه انه ليس ممنهجاً كما كذبت تلك المنظمة . حكم قضائى يكذب «هيومن رايتس» ونحدد من حيثيات هذا الحكم القضائى النهائى المهم، مظاهر كذب وافتراء هيومن رايتس لمايلى : أولاً : عن المبدأ الدستورى بحظر التعذيب قالت المحكمة: «إن الضابط الذى يرتكب التعذيب على أحد المواطنين بمناسبة وظيفته فإن هذا التعذيب بجميع صوره واشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم ، مهما طال الزمان لمخالفته أصلاً من الأصول المتعلقة بحقوق الانسان, لذا فإنه يتحمل قيمة التعويض من ماله الخاص وليس من مال وزارة الداخلية باعتبار أن التعذيب يمثل خطأ شخصياً يتجاوز حدود المخاطر العادية للوظيفة الأمنية» ثانياً : عن مبدأ التزام الشرطة بحماية ورعاية حقوق الإنسان قالت المحكمة :« المشرع الدستورى لأول مرة أولى إلزام العاملين بجهاز الشرطة بحماية حقوق الانسان , ويتوجب احالة أى مخالف إلى القضاء الجنائى لمحاكمته جنائياً عن واقعة التعذيب, فضلاً عن وجوب قيام وزارة الداخلية بمحاسبته تأديبياً عن هذا الفعل الذى يخرج خروجا صارخا عن مقتضيات واجبات ضابط الشرطة المنوط به كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين والسهر على حفظ النظام العام و الاَداب العامة.» ثالثاً : وعن مفهوم الأمن كشراكة بين جهاز الأمن والمواطن لمواجهة ظواهر الإرهاب قالت المحكمة: «إن مفهوم الأمن فى الفكر الحديث تحول من منظور ضيق كان مقصورا على جهاز الشرطة إلى نظرة أعم واشمل جعلت منه مسئولية قومية يشارك فيها كل أفراد المجتمع إذ أضحى مفهوم الأمن شراكة بين كل أجهزة الدولة وجميع قطاعات الجمهور, وتعتبر العلاقة بين الشرطة والجمهور من أهم القضايا الأمنية لأن مساهمة الجمهور فى حفظ الأمن وتعاونه مع الشرطة يعد من مقتضيات الفاعلية لكشف الجريمة ،خاصة أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن عدد الجرائم المقترفة يفوق إلى حد كبير عدد الجرائم المكتشفة .» رابعا : وعن نفى واقعات التعذيب لأى جهاز للشرطة قالت المحكمة : «إنه نظراً لخطورة الاثار المترتبة على التعذيب لمستقبل الضابط فإنه يلزم إقامة الدليل عليه وقد كلفت المحكمة المدعى على مدار عدة جلسات أن يقدم بجميع طرق الإثبات ما يفيد تعرضه للتعذيب إلا أنه عجز عن إثبات دعواه, حال أن النيابة العامة قد حفظت المحضر المشار اليه لعدم كفاية الادلة فإن ادعاءه يكون مرسلاً وينتفى معه ركن الخطأ فى جانب وزارة الداخلية .» خامساً : وعن انتفاء التصاق تهمة التعذيب الممنهج للشرطة المصرية بدعوى الضمان الفرعية المقامة منها لسلامة موقفها فى رعاية حقوق الإنسان قالت المحكمة : إنه عن دعوى الضمان الفرعية المقامة من وزير الداخلية بصفته ضد الضابط لتحميله فى ماله الخاص لما عساه أن تحكم به المحكمة فى الدعوى الأصلية ولما كانت المحكمة قضت برفض الدعوى الأصلية فى هذه الدعوى لعدم ثبوت إية وقائع تعذيب ، ومن ثم فلا يوجد ثمة نزاع ثائر فى الدعوى الفرعية بينها وبين المدعى عليه فيها , وبهذه المثابة فقد انتفى النزاع بينهما ، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول هذه الدعوى الفرعية لانتفاء النزاع فيها» وبالقراءة المتأنية فى هذا الحكم يمكن استخلاص الملحوظات الثلاث : الأولى : أنه لا تعذيب ممنهج فى مصر وأن الشرطة المصرية لها تاريخ عريق فى بث روح الأمن والحفاظ على سلامة المواطنين , وبالتالى يتبين مدى افتراء منظمة «هيومن رايتس» على مصر بما أوردته فى ذلك التقرير من ممنهجة التعذيب حال وجود حكم قضائى يثبت انتفاء التصاق تلك التهمة عن الشرطة المصرية . الثانية : أن هذا الحكم التاريخى به من ركائز استند عليها فى التصدى للمؤامرات والفتن داخلياً وخارجياً، ونطالب وزارة الخارجية ووفد مجلس النواب المتجه إلى أمريكا بطبع هذا الحكم وترجمته لكى نرد بأدلة صادرة فى نطاق المدة الزمنية التى حددتها تلك المنظمة على ما يتم إطلاقه من افتراءات خاصة الذين يريدون المساس بهيبة الدولة ولا يريدون لمصر الاستقرار والتنمية والنجاح فى مواجهة الارهاب . الثالثة : يجب على المجلس القومى لحقوق الإنسان و اللجنة المتخصصة بمجلس النواب اعتبار هذا الحكم بمثابة الوثيقة الرسمية أمام المحافل الدولية يجب أن تودع فى وثائق الهيئة العامة للاستعلامات وفى قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والسفارات والهيئة الوطنية للاعلام والهيئة الوطنية للصحافة ليكون أبلغ رد موثق بحيثيات حكم قضائى صادر برئاسة الدكتور محمد خفاجى رئيس المحكمة فى ذلك الوقت .