بل حمى الرفاهية وجنون الإهدار العظيم لمقدرات هذه الأمة. مدن الأشباح السبعة نجوم تسكنها الغربان طوال العام ماعدا شهرين للمصطافين والملاك. مراهنات عجيبة ومزايدات تصل بسعر الفيلا إلى سبعة وعشرين مليون جنيه. ماذا تفعل الحكومات بالضبط فى الاقتصاد المصري، إذا كانت كل هذه المليارات موجودة. فلماذا لا تتم الاستفادة منها فى ضخ الدماء فى شرايين الاقتصاد المصري؟ نفس الغباوات موجودة فى رأس سدر والعين السخنة. اكتناز لمدخرات المصريين فى حجارة الأطلال. ديار مهجورة يدور حولها دراويش المقاولات. النيويورك تايمز كانت قد نشرت دراسة عنوانها. الساحل الشمالى أغرب وأعجب وسيلة اختارها المصريون لاهدار ثرواتهم وأموالهم. ساحل مصر الشمالى المفروض أنه ممتد من رفح إلى السلوم لكننا هنا نطلق اسم الساحل الشمالى على ساحل مريوط فقط للأسف. كل الدراسات الاقتصادية تؤكد أن استثمارات الصناعة تستعيد رؤوس أموالها وتحقق عشرين فى المائة على الأقل سنويا من حجم الاستثمار المنفق. فى المقابل كلام فارغ من يقول لك إن المبانى لا تأكل ولا تشرب ومضمونة وثمنها يزيد وصناعة المقاولات تسهم فى تشغيل مائة مهنة. المهم فى النهاية هل تقدم هذا الوطن. وهل تحسنت الظروف الاقتصادية للناس؟ ليس هكذا تبنى الأمم بكل تأكيد. أين المصانع والمزارع والمدن التكنولوجية والصناعية والعلمية ؟ حكومات إدارة الأزمات لن تحل الأزمة الأساسية فى مصر. لا يوجد مشروع نهضة. ومحاربة الإرهاب ليس معناه الشلل التام لكل كيانات الدولة. الحكومة فاشلة ما لم تستطع إدارة ثروات الأمة بالشكل الأمثل. هى المايسترو. عسكرى المرور. وتمتلك طرح تشريعات جديدة وحوافز جديدة وإجراءات جديدة لتوجيه الناس للصناعة والإنتاج مثلما فعلت مثلا فى رفع سعر الفائدة بالبنوك فى مشروع تفريعة قناة السويس. أيتها الحكومة الرشيدة. المواطن مضطر للذهاب إلى المتاجرة فى الأراضى والعقارات مثلما تفعلين أنت. لا توجد بدائل أمامه للأسف الشديد. أذكر أننى كنت فى مرسيليا وجلست بجوارنا عائلة فرنسية على شاطئ المتوسط. وعندما جاءت سيرة مصر والإسكندرية شهق الفرنسيون (مانيفيك). رائعة بديعة. هكذا يرون بلادنا التى لا نعرف كيف نعظم ثرواتها. ما الذى يمكن أن تفعله الحكومة؟. الكثير جدا. أولا، ميناء الساحل الشمالى فى العلمين أو فى موقع يختار من خبراء متخصصين. سوف يحدث هذا الميناء رواجا تجاريا وسياحيا كبيرا مثل ميناء مرسيليا شمال المتوسط. ثانيا، تطبيع العلاقات بين الدولة ورجال الأعمال (فيه حاجة غلط) نحتاج إلى مصالحة وشراكة فى التنمية. عنهم رؤية وأفكار مثل فكرة منصور عامر خريطة الأمل لتعمير محافظات الصعيد. ثالثا، اعتماد حوافز من التخفيضات الجمركية والضرائبية وغيرها لإنشاء جامعات ومناطق حرة فى الساحل الشمالي. رابعا، الصناعة أولى بهذه الأموال. مصر تحتاج 300 مليار دولار حتى عام 2030 لكى تصل صادراتنا إلى 200 مليار دولار مثل ماليزيا وتركيا. خامسا، إنشاء منطقة حرة تحقق رواجا وانتعاشا اقتصاديا لتلك المنطقة وللاقتصاد عموما. أخيرا، حمى الساحل الشمالى سوف تنقلب إلى حمى البحر المتوسط التى تصيب العرب والأتراك والطلاينة من دون شعوب العالم أجمع. تظهر 50 بالمئة من الأعراض فى السنين العشر الأولي. و80 بالمئة تظهر قبل سن العشرين و5 بالمئة تظهر بعد سن الثلاثين. عمر الساحل الشمالى الآن أكثر من ثلاثين عاما. وبالتالى ظهرت كل الأمراض الاقتصادية عندنا. سمعنا عن فنادق وجامعات فى الساحل الشمالي. لكن المجتمع لم ير شيئا حتى الآن. وأختتم بهذه الأهزوجة: المجتمع زى البجع/ ياكل سمك وينط نطة/ يمشى على حرف الترع بالدألجة/ ويفط فطة/ بس النوارس لو يقع/ بتأدلجه/ وتجيب له جلطة. لمزيد من مقالات جمال الشاعر