عاد الطفل حمزة «9 سنوات» ابن الشهيد العقيد أحمد المنسي، الذى استشهد خلال عملية إرهابية دنيئة فى رفح الجمعة الماضى إلى منزله، فور انتهاء جنازة والده الحاشدة فى محافظة الشرقية، وما أن اغلق الباب حتى انطلق كالسهم إلى غرفته باحثا عن ورقة وقلم، ليخط رسالة بعلم الوصول إلى أمير «تنظيم الحمدين» الملقب بتميم قطر، بخط رفيع واضح كالشمس فى كبد السماء كتب ما يلي: ودعت للتو أبى الشهيد إلى جنة الخلد مع الشهداء والصديقين الأبرار، أعلم أنك لم تقو على متابعة مشهد وداعه المهيب والآلاف الذين ساروا خلف نعشه داعين له ولوطنهم الخالد بالأمن والأمان، ومنددين بالإرهاب ومناصريه وداعميه ومموليه، وبالجبناء الذين زين لهم شيطانهم وخيالهم المريض أنهم قادرون على النيل من أسود الجيش المصرى عمود خيمة بلادنا والوطن العربى بكامله، وحسبوا أنهم ند لخير أجناد الأرض الذين أوقفوهم عند حدهم ولقنوهم درسًا قاسيًا جعلهم عبرة ومثالا لكل من تسول له نفسه الشريرة الاقتراب من عرينهم والمساس بأمننا القومي. أدرك أيضا أنك لا تعرف ولا تعى مدى شعورى بالفخر والاعتزاز لدى ارتدائى زى الصاعقة المصرية، ووقوفى على عربة الإطفاء التى حملت جسد أبى الطاهر رافعا يدى بعلامة النصر وسط الجموع الغفيرة، فأبى الشهيد خدم بتفانٍ وإخلاص منقطع النظير بسلاح الصاعقة، وإن كان استشهد فى ميدان العزة والرجولة بسيناء الغالية فقد ترك وراءه ابنا عازما على مواصلة مهمته النبيلة بعزيمة لا تلين ولا تفتر، وتعلمت منه كيف أكون ثابتا كالوتد لا تهزنى الريح مهما بلغت شدتها وحدتها، وألا أحنى رأسى سوى لخالق الكون، وأنه يهون الغالى والنفيس لحماية بلادنا من غدر ومكائد أعدائنا وحاسدينا، فهكذا تعلم فى مصنع الرجال بالقوات المسلحة الباسلة. ياأمير «تنظيم الحمدين» أنت لم تر عيون زملاء أبى الشهيد الذين حملونى على أعناقهم وما بعثته من رسائل لى ولأهل بلدى من بين دموعهم حزنا على فراق أحبائهم، فهم أرادوا طمأنتى أننى إن كنت فقدت أبا فكلهم فى منزلة الأب ولن يتركونى وحيدًا وسيكونون ظهرًا وسندًا قويًا، وأنهم على أتم استعداد للثأر له فكل واحد منهم مشروع شهيد يسير على قدمين، ومستعدون للتضحية والفداء لأبعد مدى عن طيب خاطر وكلهم ثقة فى أن النصر سيكون حليفهم ولا يساورهم أدنى شك فى ذلك، وكيف لا يكون حليفهم وهم على حق وعدوهم على باطل وضلال مبين، والمولى عز وجل يؤازر الحق وأهله ويُنزل عقابه الأليم العادل بالمفسدين فى الأرض الذين يستحلون دماء الساهرين على أمن شعبهم، ويكفرون عباد الله ويتعاملون معنا باعتبارهم من الفرقة الناجية، ومن لايسير على نهجهم من الخاسرين. هؤلاء ليسوا وحدهم فى الميدان فهناك أكثر من 90 مليون مصرى يقفون صفا واحدا كالبنيان المرصوص خلف جيشهم وشرطتهم وقيادتهم السياسية التى نبهت مبكرًا إلى أن الصراع مع الإرهاب وأذرعه الظاهرة والمستترة لن يكون قصيرًا وسندفع ثمنا لا يستهان به لإفشالنا مخططات حظيت برعايتكم لتدمير الدولة الوطنية ومؤسساتها، وتقطيع أوصال البلدان العربية إلى كيانات صغيرة يسهل ترويضها والتلاعب بها، فكان لابد من معاقبة مصر وحرمانها من التنعم بالاستقرار والتنمية. ودعنى أسألك سؤالا مباشرا وليتك تجيب دون لف ودوران عليه إن واتتك الشجاعة: «أبى كان يدافع عن وطنه بإباء وشمم، فعن أى شىء تدافع»؟. أراك صامتا لا تقدم جوابا وتقف حائرًا، وسأصارحك بحقيقة تتهرب من الإقرار بها أنت وحاشيتك، هى أنك تدافع عن مجموعات من المطاريد المرتزقة والإرهابيين الأوغاد ومعهم سماسرة الدين ومروجو الفتن والكراهية باسم الدين، والمحرضون على العنف والفوضى باسم الثورة وتغيير الأنظمة واستبدال أخرى بها تدين بالولاء والطاعة للدوحة التى تغدق عليهم بالمال والسلاح، ومن يفتون زورًا وبهتانا بجواز القيام بعمليات انتحارية ضد الجيوش الوطنية والشرطة المدنية، ثم يزعمون أنهم علماء وفقهاء يبتغون وجه الكريم ومرضاته!! أتدرى ياأمير قطر بمِن كان يحتمى أبى رحمه الله رحمة واسعة؟ تحصن بساعده وسلاحه وقبلهما بإيمانه القوى ورفاقه من الرجال الأشداء الأنقياء الوطنيين الذين لا يبيعون أوطانهم مقابل حفنة دولارات، ويعتبرون أرواحهم ثمنا زهيدا لضمان أمن الشعب المصري، أما أنت فتحتمى بغرباء من إيران وتركيا وأمريكا، وتشترى حمايتهم لك ولنظامك بالمال وبإقامة قواعد عسكرية على الأراضى القطرية، مثلما اعتادت بلادك إغراء اللاعبين الأجانب بالأموال لتجنيسهم وضمهم لمنتخبات الألعاب المختلفة مع أن أكثرهم لا يتحدثون العربية من الأصل، فولاؤهم للعملة النقدية وليس للبلد، وإن تأخر حصولهم على المعلوم فسيتركونكم ويولون وجوههم شطر مَن يقدر على الدفع الفوري، اما ولاء رجالنا فهو للوطن ولا شيء غير الوطن، ولا يتبدل وليس سلعة معروضة للبيع لأعلى سعر فى سوق الخيانة، فأنتم بلا تاريخ ولا هوية وتسيطر عليكم عقدة أنكم صغار الحجم والتأثير، وتتوهمون أنكم تستطيعون بأموالكم الملوثة مناطحة الكبار ومزاحمتهم المكانة. الأكثر أنكم لا تقرأون التاريخ لتعرفوا أن مَن هم أعتى وأقوى منكم ومنِ الذين يكفلون أمنكم حاولوا على مر العصور ضرب مصر والتآمر عليها فلم يحصدوا سوى الخسران والهلاك، فكل الجبابرة وعتاة المتآمرين انكسروا على صخرة المحروسة. ياأمير «تنظيم الحمدين» لقد شاركنى المصريون جميعا حزنى على فقدان أبى وباقى شهداء الواجب المقدس، ووجدت بينهم ملايين القلوب الحانية والمساندة، فى حين أنك لن تعثر على مَن يشاركك حزنك وانكسارك المحتوم، وعليك أن تفهم أنك بلا حاضر ولا مستقبل، وأن مصر عصية وستظل شامخة، وأن شهداءها مشاعل ينيرون لها الطريق ويباركون خطواتها، وأختم رسالتى إليك بقولي: «تحيا مصر، ويحيا جيشها وشرطتها، ويحيا أبطالها الشجعان» حمزة أحمد المنسى ابن شهيد وافتخر. [email protected] لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي;