أحمد عبادي: ربما اعتقدت أن النظام مهما كان سلطويا لن يتعامل معها بمثل هذا الجبروت, وربما ظنت أن الثورة في مصر ستجعل خلفها وطنا يدافع عن حريتها وكرامتها ليحميها أينما كانت, ولكنها باليقين ذهبت وهي تؤمن بأن دفاعها عن رسالتها في استخلاص الحقيقة تحت نيران القصف في مصراتة وبني غازي ودمشق يستحق التضحية حتي وإن كان المصير هو موت محتمل نجاها الله منه أثناء تغطيتها لأحداث ثورتي ليبيا وسوريا أو عتمة الزنزانة التي تعيشها حاليا في معتقلات الخرطوم. لم تدرك' شيماء عادل' الصحفية بجريدة الوطن بأن الفارق بين القاهرة ولندن لا يقاس فقط بالكيلومترات ولكن أيضا بالأيام ففي الوقت الذي أطلقت فيه السلطات السودانية سراح الصحفي البريطاني سايمون مارتيلي مراسل وكالة فرانس برس بعد12ساعة فقط علي اعتقاله, وهو يغطي مظاهرة طلابية في الخرطوم في يونيو الماضي, تمضي شيماء يومها الرابع عشر في المعتقل علي خلفية قيام المخابرات السودانية بالقبض عليها خلال مشاركتها في تغطية المظاهرات التي اندلعت في السودان فيما أطلق عليه بجمعة' لحس الكوع' يوم29 يونيو الماضي. ويمثل اعتقال' شيماء عادل' الحالة الثانية لصحفية مصرية يفصل بينهما عشرة أيام فقط حيث سبق للسلطات السودانية أن اعتقلت الصحفية سلمي الورداني مراسلة وكالة أنباء'' بلومبرج'' الألمانية في الخرطوم, والتي أفرجت عنها السلطات السودانية بعد يوم من احتجازها واستجوابها عقب اتصالات مكثفة أجرتها النقابة مع وزارة الخارجية المصرية, والسفارة المصرية في الخرطوم. ورغم كثافة الاتصالات الدبلوماسية والسياسية والنقابية بين المسئولين المصريين والسودانيين والتي أسفرت عن وعود كثيرة, فإن احتجاز شيماء عادل بالخرطوم يجسد حالة التراجع الذي وصلت إليه الدولة المصرية ومكانتها خارج حدود الوطن. وحتي مع الإفراج عنها سيظل اعتقال' شيماء' شاهدا علي تردي حالة الحريات الصحفية في العالم العربي عامة وفي السودان علي وجه الخصوص والتي احتلت المرتبة(171) من179 دولة شملها تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها السنوي الأخير عن الحريات الصحفية في العالم. واستشرافا لحالة شيماء عادل وما سبقها وما قد يليها من انتهاكات للحريات الصحفية بالسودان وضعت' مراسلون بلا حدود' في تقريرها الرئيس السوداني عمر البشير, علي مشارف لائحة من أسمتهم ب( صيادي حرية الصحافة), والتي تحوي عربيا الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات الصومالية.