حظى فيلم «يوم للستات» باهتمام إعلامى ونقدي، ففضلا عن كونه فيلم افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الماضية، فهو إنتاج الفنانة الهام شاهين فى زمن عز فيه إنتاج الافلام الجادة، كما أنه يعتبر الفيلم رقم «مائة» فى مشوارها الفنى، فكان الاحتفاء به ذا مذاق خاص. ورغم أن الفيلم تلقى بعض الإشادات النقدية، إلا أنه بعد ستة أشهر من عرض الفيلم، تفجر مؤلفته الكاتبة والسيناريست هناء عطية العديد من المفاجأت فى حوار اختصت به «الأهرام»، أبرزها أن الفيلم الذى شاهده الجمهور، ويحمل اسمها، لا علاقة له بما كتبته، واتهمت المخرجة كاملة أبو ذكرى ب«ذبح السيناريو»، بعد أن غيرت الكثير من التفاصيل دون الرجوع إليها.. فإلى نص الحوار..
بعد ستة أشهر من عرض الفيلم» تعلنين اليوم أنك صدمت عندما شاهدتيه يوم الافتتاح، فلماذا الصمت كل هذه المدة رغم الضرر المعنوى والأدبى الذى تعرضت له؟ ببساطة لأن كثيرين نصحونى بعدم إثارة الأمر اعلاميا حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على نسبة إقبال الجمهور عليه، وثانيا لأنى أقدر الفنانة الهام شاهين التى تكبدت مشقة إنتاج الفيلم، وقدمت أقصى ما عندها حتى يخرج الفيلم للنور، وهذا أمر يحسب لها ، فلم أكن لأفسد فرحتها بالفيلم، أو أتسبب لها فى خسارة مادية، لكن بلا شك فقد تحملت أنا فى المقابل «القهر» النفسى بالكامل. دعينا نعود لخلفيات صناعة الفيلم بدءا من الكتابة ثم التصوير، خاصة أن خروجه للنور تأخر كثيرا منذ بدء الاعلان عنه. بالفعل.. فقد بدأت كتابة «السيناريو» منذ 15 عاما، بعد ان استوحيت فكرته من ذهابى إلى «النادى الرياضى» مع بناتى فى تمرينات السباحة، وتوقفت عن الكتابة واستأنفتها أكثر من مرة، ثم عرضته على الفنانة الهام شاهين، وطلبت منى اختيار المخرج، فرشحت كاملة أبو ذكرى بسبب إعجابى بمستوى إخراج «فيلم واحد صفر»، وبالفعل اشترى جهاز السينما برئاسة الراحل ممدوح الليثى «الفيلم»، وقرأنا أجزاء منه مع الهام وكاملة وتم توقيع العقود منذ 8 سنوات، ثم تعطل المشروع بعد ثورة يناير، ودخول كاملة مسلسل «ذّات» ومن بعده» سجن النسا» بعدها جاءت وفاة والدتها، فتعطل تصوير الفيلم أكثر من مرة، ثم قامت إلهام بشراء الفيلم من جهاز السينما. فى هذه الاثناء كنت أقوم بتعديلات فى السيناريو، إذ لم يكن التصوير قد بدأ بعد، وأعددت نسخة نهائية جديدة أرسلتها لكاملة عند بدء التصوير. لكن وصلنى حيث أنى لا أحضر التصوير أنها تقوم بانتقاء مشاهد من النسختين القديمة والحديثة، فبدأت أتوجس خيفة. وكانت مخاوفى فى محلها . ماهى أبرز التعديلات التى أدخلتها المخرجة على الفيلم ، وكيف أثرت على مستواه الفنى والدرامى؟ أولا: حذفت شخصيتين، هما شخصية الفنانة سماح أنور وقصتها كانت مؤثرة للغاية، وما حدث جريمة فى حقها، بعد أن قامت بحلق شعرها من أجل الدور والشخصية الثانية كانت لوجه جديد، لكن دورها حيث تغرق فى حمام السباحة كان يمثل نقطة تحول فى الأحداث. ثانيا: حدث تغيير جمل حوارية على لسان الشخصيات، وهذا الأمر كان فى غير محله فى كثير من الاحيان، فلكل شخصية مفرداتها اللغوية التى تناسب سماتها، والطريقة التى ينبغى أن تتحدث وتعبر بها عن نفسها، بل أحيانا ظهرت شخصيات بخلاف ما رسمته لها تماما، مثل شخصية إياد نصار، حيث قامت المخرجة بتسطيحها للغاية، بدلا من إبراز العمق الذى تتميز به على «الورق» حيث كان يعمل كاتبا لشواهد القبور، ولديه فلسفة خاصة للموت وقد تكون عبثية أحيانا أظهرته يستخف بعمله فيقول: «إيه شغلانة كاتب الشواهد دى»؟!. نفس الأمر بالنسبة لدور أحمد الفيشاوى، حيث ظهر كشخصية نمطية للمهووس دينيا، رغم أنى لم أكن أقصد إظهاره كذلك نهائيا، وكانت له جوانب انسانية تم تجاهلها، علاوة على ذلك فقد تم حذف أهم مشاهد للفنان فاروق الفيشاوى، و«الماستر سين» لإلهام شاهين. برأيك ما الذى دفع المخرجة لإجراء هذه التعديلات دون الرجوع اليك ؟ ليس لدى تفسير سوى الغرور وعدم احترام الغير، وعندما وصلنى أنها تعمل على النسختين القديمة والحديثة، جاء ردها على بمنتهى اللامبالاة: «مش اسمك عليها؟!» المشكلة أنه بسبب هذا الغرور؛ وصلت مدة الفيلم الذى صنعته الى ثلاث ساعات، وعندما تم عرضه فى مهرجان لندن، كتب أمير العمرى منتقدا طول مدة الفيلم الذى أفقده إيقاعه وتسبب فى ملل المشاهد، فقامت بإعادة مونتاج «الفيلم» أكثر من مرة، فكان أن حذفت منه الكثير من المشاهد، تصل مدتها الى (45) دقيقة، وكل ذلك دون الرجوع الى أو استشارتى فى أى أمر وكأنى مؤلفة «راحلة» لست على قيد الحياة، وللأسف نسيت الفنانة إلهام شاهين دورها كمنتجة، ومتابعة لمراحل صناعة الفيلم، وركزت فقط فى دورها كممثلة، وكان كل همها أن يخرج «الفيلم» للنور، ولديها ثقة فى كفاءة المخرجة، لكن للأسف ماحدث «كارثة» أخلاقية ومهنية، تجاهلت حتى المبادئ البسيطة فى بناء المشاهد وتتاليها، وعلاقتها ببعضها البعض، فأصبح الفيلم بلا أى بناء رأسى «حيث البداية والذروة والنهاية» أو أفقى بحيث يوجد به موجات صعود وهبوط، وهو ما قمت به عند كتابة سيناريو الفيلم. هل تواصلت معها عقب مشاهدة الفيلم؟ أرسلت لها رسالة أعبر فيها عن غضبى واستيائى لكنها تجاهلت الرد عليها. وأنا أعلم أنه من حقى اللجوء لنقابة السينمائيين، بل ومقاضاتها لأنها خالفت شروط العقد، حيث اشترطت فيه الرجوع إلى عند الرغبة فى ادخال اى تعديل على السيناريو.. لكن ربما أكون قد تأخرت كثيرا بما لا يجدى معه اتخاذ إى اجراء الان، ولا أبالغ اذا قلت ان صدمتى كانت سببا فى أزمات صحية كثيرة لا زلت أعانى منها حتى اليوم. وأنا هنا لا أثير قضية شخصية، بقدر ما أتساءل عن القيم المهنية التى يجب أن تحكم العلاقة بين المؤلف والمخرج فى أى عمل فنى، بحيث لا يتم الجور على حقوق الملكية الفكرية والأدبية للمؤلف، خاصة وأنى لست كاتبة مبتدئة، وكتاباتى الادبية أشاد بها كبارالنقاد. مع ذلك كانت هناك إشادات «بالفيلم»؟ قرأت مقالات لخالد منتصر ومدحت العدل وتامر حبيب تشيد بالفيلم، لكن إذا كانوا قد رأوه «فيلما» جيدا، فقد كان سيظهر بشكل أكثر جودة إذا تم الابقاء على «السيناريو» الأصلي. وفى المقابل كثيرون شعروا بأن هناك «شئ غلط» فى الفيلم، و«لعب» فى الاحداث والسيناريو. بعد هذه التجربة، هل تكررين العمل مع الفنانة إلهام شاهين؟ بالطبع ..فهى يحسب لها أنها «قاتلت» حتى خرج الفيلم للنور، فقد كانت معجبة به جدا، لكن خطأها الوحيد هو التعامل بحسن نية، فأضاعت حقى وحق الفنانين المشاركين فى الفيلم، لكن بالرغم من ذلك هناك «فيلم» جديد تعاقدنا عليه وهو «نسيم الحياة» ليكون من إنتاجها واخراج هالة خليل.