أنا سيدة لم أنجب، وقد طفت على العديد من دور الأيتام والملاجئ، لكى آخذ منها طفلا صغيرا أربيه، وأكون مسئولة عنه، فلم يستجب لى أحد، وساقوا أسبابا غير مقنعة، فماذا أفعل؟، ثم أليس فى ذلك مصلحة للطفل؟، فهناك الكثيرات من أمثالى يرغبن فى كفالة أطفال،فلماذا لا يتم منحهن هذا الحق مع أخذ كل الضمانات والتعهدات عليهن لضمان الرعاية المطلوبة؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول : خير لأى طفل أن ينشأ وسط أسرة تحبه وترعاه من أن يعيش فى جمعية لسن معينة، ثم يجد نفسه فجأة يلاطم أمواج الحياة وحده بلا سند ولا معين، وبالطبع فإننى لا أقلل أبدا من الدور الرائع والمهمة الإنسانية التى تقوم بها الجمعيات الخيرية تجاه من لا أحد يرعاهم, لكن إذا وجد الراعى والأسرة بطلت كل الوسائل الأخري. وأحسب أن الدور الأهم للجمعيات الخيرية هو متابعة الأطفال لدى الأسر التى تكفلهم, وليكن هذا حقا للجمعيات ومسئولية على كل أسرة ترعى طفلا, ولا أدرى لماذا لا يعمم هذا النظام بحيث تتاح الفرصة للأسر المحرومة من الإنجاب لرعاية طفل يظل فى كنفها إلى أن يشتد عوده, ويشق طريقه فى الحياة, فهكذا يتحقق المراد وننتشل أطفال الشوارع من الضياع. وأشير هنا إلى دور مهم آخر ينبغى أن تؤديه هذه الجمعيات, وهو أن تنقب عن هؤلاء الأطفال الذين ينامون تحت الكباري, وفى الحدائق, وعربات السكك الحديدية, فهؤلاء هم الخطر الحقيقى الذى يواجه مجتمعنا, ومن الواجب أن نجد لهم حلا ينقذهم من الضياع ويحمى الآخرين من شرورهم وممن يتربص بهم من التوربينى وأمثاله. وآمل أن يحيى ندائى الأمل فى أن يجد كل طفل بلا عائل من يهتم بأمره ويأخذ بيده إلى شاطئ الأمان فى بحر الحياة. وإذا كان من حق هذه الدور أن تدقق فى اختيار الأسر المناسبة لكفالة الاطفال والالتزام بالاجراءات المتبعة فى هذا الشأن, فإنه من الواجب عليها أن تيسر الأمر للجادين فى رعاية هؤلاء الأطفال, مادام ذلك فى مصلحتهم, ويجعلهم يعيشون حياة أكثر استقرارا. إن قضية أطفال الملاجيء شائكة, ويجب أن توليها وزارة التضامن الاجتماعى أولوية قصوى، وإننى أؤيد مطلبك يا سيدتى بتسليمك أى طفل لكى ينشأ تحت رعايتك، ولكن مع مراعاة أن يحتفظ الطفل باسمه, وأن يعرف منذ البداية أنه ليس ابنك وإنما هو قريب لك حتى لا يصطدم بالواقع المر عندما يكبر، فكم من مشكلات تسببت فيها مسألة التبني، كمسائل الميراث والسكن وغيرها. وإننى أهيب بالسيدة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى أن تعيد دراسة أوضاع دور الرعاية الاجتماعية, فالحقيقة أن واقعها مر, ولا أرى داعيا لإقامة دور جديدة، والأفضل هو تدعيم ما هو موجود منها, والارتقاء بمستواها لكى تصبح قادرة على القيام برسالتها على الوجه الأكمل.