نعيش الأن حياة مزدوجة، فرضتها علينا الطبيعة المادية التى خلقها رجال الأعمال والأغنياء الذين حولوا الحياة فى بلدنا إلى صفقات باهظة الثمن. فحياة غالبية الشعب المصرى، تكون فى بيوت إما فقيرة جدا، بمناطق ليس بها أى خدمات، بمعنى أنها محرومة من توافر المياه الصالحة للشرب، وكذلك محرومة من أنظمة سليمة للصرف الصحى، وبالتالى فالناس تمشى فى الشوارع بين المياه الملوثة، التى تسبب لهم امراضا كثيرة، تأكل أعمارهم مبكرا. ويعيش البعض الأخر فى مناطق متوسطة، والأن دخلت فيها أيضا المناطق التى كنا فيما سبق نحسبها راقية، كمنطقة المنيل وجاردن سيتى، والمهندسين، وحتى المناطق السياحية بالهرم، تعيش أيضا فى مشكلات المياة والصرف وتلال القمامة الموجودة على مدار اليوم، مهما حاول المسئولون من "تشغيل" عقولهم لإيجاد حلول لجمع هذه القمامة، لأنهم ببساطة جالسون فى مكاتبهم، ولا يريدون التحرك، للأشراف على الأعمال التى يأمرون بها مرؤسيهم . لكن الغريب فى الموضوع أن هناك على الجانب الأخر، وسبحان الله أنه ليس ببعيد عنا، بل فى نفس البلد، وأيضا فى نفس المحافظة، تجد مجتمعات سكانية تسمى "الكومباوندات" وهى جمع لكلمة "كومباوند" بالإنجليزية وتعنى مجموعة المبانى المتشابهة، والتى لها طابع مميز، فتجدها أنيقة المظهر، وبها مساحات خضراء ساحرة للعين، ومريحة للنفس، شوارعها ممهدة لسير السيارات، كأنها تسير على حرير، فليس بها حفر أو مفاجأت وحتى مطباتها، مصنوعة بمواصفات عالمية، للترفق بالسيارات، وليس لخلع بعض أجزائها بعد أن تمر من فوقها، كما يحدث فى غالبية مطباتنا العادية. يتعجب المواطن حين يزور أى ضاحية من ضواحى هذه الجمهورية العجيبة التى نشأت داخل نفس البلد، ويسأل نفسه، لماذا لا تتمتع بقية المناطق والأحياء فى مصر بمثل هذا النظام والنظافة، فإذا كان لهذه الجمهورية حكومة ومسئولين، فنحن أيضا فى أحيائنا الفقيرة والمتوسطة لدينا نفس الحكومة والمسئولين!! وإذا قال أحدهم أن أصحاب العقارات من الشقق أو الفيلات فى هذه الكمباوندات، قد دفعو أموالا طائلة لينعموا بحياة مختلفة، بعيدا عن ضوضائنا نحن كعامة الشعب، فالرد موجود، وهو أن بقية الشعب يدفع أيضا ضرائب و فواتير عالية القيمة، ليتوفر له مياه نظيفة، وصرف صحى آمن، وجمع قمامة يتم تحصيلها من خلال فاتورة الكهرباء، والأن لم تعد هذه الخدمات رخيصة الثمن كما كانت فيما سبق، بل أنها أقتربت أو تساوت مع فواتير ساكنى الكمباوندات!! إذن ما المشكلة، أن ينعم الجميع بنفس الحياة النظيفة التى ينعم بها أشقاؤنا فى هذه الجمهورية ، القريبة جدا منا، إذ لا هى فى فرنسا ولا إنجلترا ولا المانيا، إنها فى أكتوبر والتجمع ومدينة بدر وغيرها .. مجرد تساؤلات قد لا يجيبنا عنها أحد من المسئولون المحترمون الذين إعتادوا على قراءة مثل هذه الشكاوى فى الصحف كل صباح، مع إرتشاف قهوتهم، حانقين على الصحافة التى لاتترك أحدا فى حاله !! [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل ;