لا يمكن القول بإمكانية رؤية الخيط الرفيع الذي يفصل بين الفوضي والحرية دون أن يكون هناك انضباط مجتمعي بالمعني الصحيح والدقيق لكلمة الانضباط, التي لا تصبح شيئا ملموسا علي أرض الواقع إلا عندما يشعر' الكل' بأن'الكل' أمام القانون- أي قانون- سواسية. وأن التعامل مع القضايا والأحداث يتم بمكيال واحد وليس بمكيالين. إن الانضباط يعني التغييب الكامل لسياسة الحلول الوسط ولنهج المهادنة, حيث لا حلول وسط ولا مهادنة مع أي خروج علي القانون... ثم إن الانضباط يتحقق عندما يفهم المسئول الأول في أي موقع أنه يمثل القدوة الصالحة في الالتزام بمواعيد العمل والعدالة في أسلوب تعامله مع مرءوسيه وتصدره للصفوف الأولي دائما في مهمة المشاركة الفعلية لدفع عجلة العمل إلي الأمام بأداء محسوس, وليس بمجرد قرارات وتوجيهات فقط! و مع تقديري لحاجتنا في مصر إلي تكثيف الحملات الإعلامية الداعية لاحترام القانون والتحلي بالانضباط, لكنني أعتقد أن اختصار الطريق لبلوغ الهدف الذي ننشده لن يتحقق إلا بتطبيق سيف القانون أولا بعدالة وصرامة وعلي الجميع دون استثناء. بوضوح شديد أقول: إن الفهم الخاطئ لحرية الفرد يؤدي بالضرورة إلي حرية' منفلتة' تؤدي تلقائيا إلي تغييب الانضباط وتعميق السلوك الفوضوي الذي ينعكس سلبا علي روح المجتمع بأسره. لقد تغيرت الظروف وتغيرت المقاييس ولم يعد أمامنا من سبيل سوي أن نملك القدرة علي تغيير أنفسنا لكي ينتصر الانضباط علي الفوضي.. ولكي تحل روح الجدية محل روح التراخي واللامبالاة وأن نمتلك القدرة علي رؤية الخيط الرفيع بين الحرية والفوضي! و بالقطع.. فلا عذر لنا إن لم نبدأ فورا- ودون إبطاء- مسيرة الانضباط وتحت رايات الديمقراطية بمفهومها الصحيح.. وليس ديمقراطية الفوضي واللامبالاة! بالقطع.. ليس أمامنا أي سبيل آخر. خير الكلام: الوظيفة بلا مرتب تربي اللصوص! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله