على مدى مواسم طويلة تأرجحت عروض مسرح الدولة المقدمة بين النصوص المصرية والنصوص العالمية، وإن كانت الأخيرة تفوز دائما بنصيب الأسد فى تلك العروض، بينما النصوص المصرية لا يبرح أغلبها مكانه فوق أرفف دور النشر.. إذا كان عام 2016 قد شهد عددا لا بأس من عروض لمؤلفين مصريين مثل «قمر العميان» لعلى أبوسالم.. «انبوكس» لسامح مهران.. «واحد تانى» مصطفى سعد.. و»الإنسان الطيب» لسعيد سليمان و»رحلة نور» لجمال ياقوت .. إلا أنها فى النهاية تظل نسبة ضئيلة مقارنة بالعروض المأخوذة عن نصوص عالمية ولعل مناسبة هذه الكلمات هو ما يتم نشره باستمرار من نصوص لكتاب مصريين كبار وشباب لا تجد متنفسا لها على المسارح المختلفة، فعلى سبيل المثال استطاعت سلسلة نصوص مسرحية برئاسة الناقد خالد رسلان أن تعيد الكاتب الكبير لينين الرملى للأضواء مرة أخرى بعد انقطاع طويل عن الكتابة وذلك بإصدار أحدث نصوصه «اضحك لما تموت» وبمقدمة كتبها المخرج الكبير عصام السيد، وهو احتفاء بقامتين مهمتين فى مجالى التأليف والإخراج معا نتمنى أن يتم ترجمته لعرض مسرحى بتوقيعهما معا.. ويحيلنا عصام السيد فى مقدمته إلى أن هذا هو النص الثانى للينين الرملى الذى يتم طباعته قبل أن يقدم على المسرح بخلاف أغلب أعماله، وهو ما يعنى انه يُكتب لكى يُعرض لا أن يُقرأ، مثله فى ذلك مثل أشهر كتاب المسرح كشكسبير وبريخت، بالإضافة إلى السؤال المكرر من كل الممثلين الذين يقرأون نصوصه: أين الضحك؟ ولكنهم يكتشفون مع ليالى العرض أن الضحك يتفجر من الكوميديا السوداء ومفارقات المواقف المختلفة وهو ما يتطلب منهم قدرا عاليا من الحرفة فى الأداء.. ثم تمنحنا السلسلة متعة أخرى حينما ألحقت هذا النص بثلاثة نصوص دفعة واحدة فى كتاب بعنوان «ثلاثية الخروج» ويضم ثلاثة أسماء شابة فى مجال التأليف وهى نص «الأخير» لمحمود جمال، «الخروج عن النص» لأحمد نبيل، ثم «لكنها تدور» لبيتر اسكندر، فالنصوص الثلاثة - كما جاء فى تعريفها- تقدم «شهادة صادقة عن وعى تشكل ورؤية تكونت فى زمن لا نملك فيه غير فضيلة المواجهة بكافة سبل الحوار الناضج الخلاق».. وهو توجه من الواضح أنه يسعى لعمل حالة توازن فى النشر بين أحدث إبداعات كبار الكُتاب وأجيال الشباب التى من المفترض أن تأخذ حقها فى الحركة المسرحية. كل هذا يدفعنا لدعوة مسرح الدولة والمهرجانات المسرحية المختلفة وخاصة الجامعية منها، إلى تبنى موسم مسرحى كامل يتم فيه تقديم عروض لمؤلفين مصريين فقط، ورفع لافتة «موسم المؤلف المصرى» على مسارحنا فى محاولة لتحفيز الهمم وتشجيع الكُتاب من كافة الأعمار على مواصلة إبداعهم، ولتكن دعوتنا أكثر طموحا.. نريدها مباردة تتبناها وزارات الثقافة والشباب والتعليم العالى على كافة الإنتاجات المسرحية التابعة لقطاعاتها المختلفة.. ولمَ لا؟ فالحركة المسرحية التى أنجبت كبار الكتاب تفرض علينا أن نأخذ بأيدى الأجيال الشابة إلى خشبات المسارح ونحن فخورون بهم.. فهل من مجيب؟