«إن مات القرد فمن أين أو كيف يعيش القرداتى»؟ .. هكذا يقول المثل الشعبى القديم. وأتذكر زفة القرداتى مع قرده الذى يسمى دائما «ميمون» إذا كان ذكرا، أما إذا كان أنثى فتسمى «شيتا»، وتسير الزفة فى الشوارع الهادئة نسبيا، وكانت طفلتى الأولى عندما تسمع أصوات الرق والطبلة فعلى الفور تنادى بلهفة «أغا أغا» يعنى القرد فآخذها إلى البلكونة ثم أحملها وأنزل بها إلى الشارع لنقف على الرصيف وتستمتع بمشاهدة القرد عن قرب وكان القرداتى ماهرا فى عرضه السريع فلقد ألبس القرد أو القردة ملابس متواضعة، والمهم أنها تخفى عوراتهما من الأمام والخلف حياء واحتراما للجمهور فلا يعرف إن كان القرد ذكرا أم أنثى إلا من اسمه. وكان العرض يبدأ برقصة بلدى للقرد حاملا عصاه الصغيرة وهو واقف على قدميه الخلفيتين على أنغام الواحدة ونص، ثم يليه عجين الفلاحة فيجلس ويؤدى بيديه حركات كأنه يعجن العجين فى وعاء، ثم قليلا من أكروبات الشقلبة على الأرض، وأخيرا فى نهاية الاستعراض ينادى القرداتى: «نوم العازب»، فيستلقى القرد على جانبه مقرفصا لركبتيه ضامما جسمه ومغطيا رأسه بكلتا يديه دليلا على إحساسه بالبرد الشديد والوحدة، فيضحك الجمهور وعندئذ يدور القرداتى ويلقى بالرق ليجمع فيه ما يجود به جمهوره من قروش معدنية. ومع مرور السنوات وازدياد الزحام وإلغاء فئات القروش المختلفة انقرضت، ثم انعدمت مشاهد القرد وصاحبه، وحل محلها ملايين من قرود الإنس من الأطفال الصغار! وعلى أى الأحوال فإننا لم نترك القرد على حاله بعد ضياع ماله وإنما أثقلناه بالضرائب والفواتير وغيرهما، والآن لم يعد لديه حيلة.. لا نوم المتزوج ولا نوم العازب بعد أن طار النوم من عينيه!! كمال شفيق مترى المنصورة