البابا تواضروس الثاني يؤسس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية القبطية    وزير الصناعة يلتقي وزير البنية التحتية والنقل بجمهورية السودان لبحث سبل تعزيز التعاون    وزارة الطيران المدني تنفي طرح أي حصص للمساهمة من جانب البنوك أو شركات الاستثمار السياحي    حماس تدعو ضامني اتفاق غزة للتحرك العاجل لإيصال المساعدات إلى القطاع    وزير الخارجية المصري والسعودي يؤكدان عمق العلاقات الأخوية والتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية    البريكان يقود هجوم منتخب السعودية ضد ساحل العاج وديا    انسحاب الطيران بعد «دستة أهداف».. الأهلي يحسم الفوز إداريًا في دوري الكرة النسائية    الداخلية تكشف حقيقة تلقي أحد الأشخاص رسائل تهديد من ضباط شرطة| فيديو    ضبط 100 طن أسمدة وأعلاف مغشوشة داخل مصنع بدون ترخيص بالقليوبية    السفارة المصرية في روما تنظم احتفالية ترويجية للمتحف المصري الكبير    الأهلي يتوج ببطولة السوبر المصري لكرة اليد بعد الفوز على سموحة    قيادي ب«فتح»: يجب احترام الشرعية الفلسطينية بعد الاتفاق على قوة دولية مؤقتة    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    "البرهان" يعلن التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة    وزيرة الثقافة البريطانية تعترف: التعيينات السياسية فىBBC أضرت بالثقة    الهيئة القومية للأنفاق: تشغيل المرحلة الأولى من الخط الأول للقطار السريع في الربع الأول من 2027    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    14 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تتراجع 55 جنيها وعيار 21 يسجل 5510 جينهات    ضبط 25 طن ملح صناعي يعاد تدويره وتعبئته داخل مخزن غير مرخص ببنها    رفع آثار حادث ثلاث سيارات بطوخ وإعادة فتح الطريق أمام الحركة المرورية    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    بدء تطبيق نظام الحجز المسبق لتنظيم زيارة المتحف المصرى الكبير الأحد    أهرامات الجيزة ترحب بالسائحين.. وفصل الخريف الأنسب    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    وبالوالدين إحسانًا.. خطيب المسجد الحرام يوضح صور العقوق وحكم الشرع    "سد الحنك" حلوى الشتاء الدافئة وطريقة تحضيرها بسهولة    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    «الصحة» و«الاتصالات» تستعرضان دور الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية البشرية    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    بسبب تغيرات المناخ.. 29 حريقا خلال ساعات الليل فى غابات الجزائر.. فيديو    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    الإئتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية : خريطة جديدة للمشهد الانتخابي: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تنظم جلسة حول الاستثمار في الشباب من أجل التنمية    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    قيصر الغناء يعود إلى البتراء، كاظم الساهر يلتقي جمهوره في أضخم حفلات نوفمبر    أيمن عاشور: انضمام الجيزة لمدن الإبداع العالمية يدعم الصناعات الثقافية في مصر    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    أدار مباراة في الدوري المصري.. محرز المالكي حكم مباراة الأهلي ضد شبيبة القبائل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دائماً يشرق الفجر من فلسطين

لم يأت الانشغال الإسرائيلى بأولوية الأخذ بالرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، نحو الدخول فى صياغة هندسة جديدة أمريكية- إسرائيلية لإقليم الشرق الأوسط، وبلورة نظام إقليمى شرق أوسطى جديد يجعل إسرائيل هى الدولة «القائد» و«المهيمن» على شئون الإقليم وإدارة قضاياه وملفاته من فراغ. فهم يدركون من ناحية أن هذا الرئيس تربطه بإسرائيل روابط من القيم السياسية والدينية المشتركة تجعله مستعداً لفعل أى شئ تراه إسرائيل مصلحة عليا لها. كما أنهم يعرفون من ناحية ثانية أن هذا الرئيس ليس له مشروع سياسى أو غير ملتزم بمشروع سياسي، فهو من خارج مؤسسة الحكم الأمريكية ويفاخر بأنه من خارج هذه المؤسسة ولن يكون مضطراً للعمل من داخل دوائر التزاماتها مع الحلفاء التقليديين فى الشرق الأوسط، وهذا يجعله أكثر تحرراً من قيود الالتزامات الأمريكية مع هؤلاء الحلفاء، وأكثر استعداداً للعمل من داخل المشروع الإسرائيلي. لكن ما هو أهم هو أن الإسرائيليين باتوا على ثقة وعلى يقين بأن هذا الزمان هو زمانهم، وأن التدمير الذى حدث والذى يحدث الآن على أرض العرب هو أهم هذه المؤشرات، وأن ما أضحى بين الدول العربية وبعضها البعض، بل وحتى ما بين القوى والمكونات السياسية والاجتماعية داخل الدول العربية من نزاعات وصراعات مصالح يفوق كثيراً ما بين هذه الدول العربية وإسرائيل، وأنه بسبب كل هذه الصراعات العربية العربية لم يعد هناك عاقل يفكر فى تأسيس جبهة عربية لمحاربة إسرائيل أو مناصبتها العداء، بل ربما يكون العكس هو الصحيح، وأن إسرائيل فى اعتقادهم، لم تعد مجرد حليف محتمل بالنسبة لبعض الدول العربية فى مواجهة العدو الإيرانى المشترك بل ربما تكون قد باتت حليفاً مؤكداً.
يعى الإسرائيليون هذا كله، لذلك هم منشغلون بتوظيف الرئيس الأمريكى المنتخب وإدارته الجديدة ضمن المشروع التاريخى الإسرائيلي، أى فرض السلام الإسرائيلى على العرب، السلام الذى يجعل فلسطين، كل فلسطين، من النهر إلى البحر دولة يهودية خالصة وينهى إلى الأبد أية مطالب عربية فى فلسطين، ويفرض إسرائيل قوة إقليمية مسيطرة على الشرق الأوسط، لكن على الجانب الآخر العربي، وبكل أسف، كان التعامل مع صدمة فوز ترامب بالرئاسة غير مكترث بأى من هذه القضايا والاهتمامات ذات الأولوية القصوى بالنسبة للإسرائيليين.
فقد غابت فلسطين نهائياً عن أولوية الاهتمامات عند جميع العرب سواء كان السعداء منهم أو التعساء بفوز دونالد ترامب، كل كان يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصالح وتحقيق ما يأمله من مكاسب مع هذا الرئيس. لم ينشغل أحد مثلاً بما اعتبره الرئيس المنتخب ب «الصفقة المستحيلة» لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، ولا بما أعلنه من نية لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والتعامل مع القدس باعتبارها عاصمة موحدة وأبدية للدولة اليهودية. ولم يكترث أحد بالسباق الإسرائيلى الجنونى لتحقيق مكاسب فى غفلة من إدارة أوباما الراحلة وإدارة ترامب الآتية، وبهدف فرض أمر واقع جديد على هذه الإدارة قبل تسلمها مهامها، سواء بإقرار الكنيست الإسرائيلى (البرلمان) لما سمى بقانون «إسكات الأذان» تحت دعوى منع استخدام مكبرات الصوت لبث رسائل دينية، وتحت ضغط مزعوم مفاده «معاناة السكان من ضجيج الآذان» أو سواء بإقرار قانون حمل اسم «تسوية البؤر الاستيطانية» وهو القانون الذى يجيز البناء على أرض مملوكة للغير، ضمن مساعى الحكومة الإسرائيلية للتوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية.
لم يهتم أحد بأى من هذه الكوارث، فالذين أسعدهم فوز ترامب انشغلوا بالبحث عن إجابات لأسئلة واهتمامات أخرى من نوع هل سيصدق ترامب وعوده بمحاربة الإرهاب؟، وهل سيعلن جماعة الإخوان جماعة إرهابية؟، والذين صدموا بفوزه راحوا يبحثون عن إجابات لأسئلة تشغلهم من نوع هل سيتحالف ترامب مع بوتين فى سوريا فعلاً ويدعم بقاء بشار الأسد؟ أم أن تحالفه مع إسرائيل سيمنعه من دعم سياسة تؤدى إلى دعم النفوذ الإيرانى فى سوريا؟ وهل سيصدق ترامب فى تهديده بإلغاء الاتفاق النووى مع إيران؟ وهل الأفضل أن يلغى هذا الاتفاق أم يتصدى للأطماع التوسعية الإيرانية؟ فعلى الرغم من أن إسرائيل كانت قاسماً مشتركاً فى معظم هذه التساؤلات وما تعبر عنه من أولويات واهتمامات ومصالح فإن أحداً لم يهتم بمخاطر توسع النفوذ الإسرائيلي، ومخاطر احتمال ضياع فلسطين وحقوق شعبها فى عهد دونالد ترامب.
وسط الظلمة جاء التحدى صارخاً ومدوياً من عمق فلسطين يعلن وبأعلى وأنقى صوت بأن فلسطين باقية ولن تزول، وأن بقاء فلسطين معناه أيضاً أن العروبة باقية ولن تزول. ففى غمرة النشوة الصهيونية داخل الكنيست الإسرائيلى بإقرار قانون «منع الأذان» وإذا باثنين من النواب العرب فى الكنيست النائب أحمد الطيبى والنائب طالب أبو عرار يقفان على منصة هذا الكنيست ويصدحان بأعلى صوتيهما برفع الأذان «الله أكبر» تحدياً لقانون اعتبراه مهمشاً للديانات وحرية العقيدة.
المفاجأة الأكبر كانت من كنائس مدينة «الناصرة» مدينة السيد المسيح عليه السلام، عندما قررت كنائسها أن ترفع الأذان من على مناراتها، وما هى إلا سويعات وحتى دخلت كل كنائس فلسطين داخل الكيان الصهيونى (فلسطين المحتلة عام 1948) فى سباق لرفع الأذان، وأخذ صوت «الله اكبر.. الله اكبر» و«أشهد أن لا إله إلا الله» يردده الرهبان والمطارنة محاطين بحشد مهيب من زملائهم من رجال الدين المسيحي، وعلى مرأى ومسمع من جموع المؤمنين الذين أموا الكنائس فى تظاهرة تعبر عن مستوى عميق من الوعى الوطنى والإدراك العالى لمخاطر السياسات العنصرية والاحتلالية، وتجسيد صلابة الهوية الوطنية الموحدة للشعب الفلسطيني. وبعدها كانت كل البيوت تطلق مكبرات الصوت بالأذان دون تمييز بين ما هو بيت فلسطينى مسلم أو فلسطينى مسيحي، كلهم حملوا راية التحدي، ليعلنوا أن فلسطين هى دائماً التى تحمل فجر الميلاد بالإرادة والوعى بأن هذه الأمة باقية وأن فلسطين هى درتها مهما كان هوان ومذلة كل المتخاذلين.
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.