لحظة المواجهة والمكاشفة هى التى تحدد من الأقوى .. من الذى يعلن الحقيقة ويتحمل بشاعتها ويختار أن يتعامل معها.. من الذى يرفض الخداع والزيف ويقرر المصارحة ويتصالح مع نفسه والآخرين.. من الذى يحول نفسه من ضحية مهزومة إلى بطل فاعل ومحرك لحياته.. وفى عرض «لحظة» الذى قدم على خشبة مسرح الهناجر الأسبوع الماضي، عن نص الأقوى لاسترندبرج من إعداد وإخراج محمد حبيب تبدو المواجهة الحقيقية مع النفس. « الأقوى» هى مسرحية من فصل واحد كتبها المؤلف السويدى أوجست سترندبرج فى 1889 وهى عبارة عن مونولوج درامى لخص فيه الكاتب مواجهة بين امرأة وصديقتها عشيقة زوجها.. حيث تدور الأحداث فى مقهى تلتقى فيه الصديقتان لتبدأ الزوجة فى مونولوج طويل يكشف عن الحقائق بينما تظل الصديقة وعشيقة الزوج صامتة. وفى النهاية تقرر الزوجة الدفاع عن زوجها وحياتها وتقرر العودة إلى بيتها معلنة إنها تعلمت كيف تحبه. اعد الكوريجراف والمخرج محمد حبيب عرضه بشكل مبسط واستعاض كثيرا بمشاهد راقصة عن المونولوج الأصلى وإن كان احتفظ ببعض فقراته. يبدأ العرض بوجود امرأة تقرأ فى صمت وتدخل أخرى تخلع معطفها وتنظر فى المرآة الموجودة فى مقدمة المسرح لتجد فيها صورة المرأة الأخرى.. هنا يبدأ المونولوج الذى تتحدث فيه الزوجة عن تفاصيل يومها وعلاقتها بصديقتها وعن استحواذها على الزوج ... بدت مشاهد الرقص فى بداية العرض نمطية ومتكررة، وكان أداء الشخصيتين الرئيسيتين لبعض الحركات فاترا وبطيئا بشكل غير مبرر.. لكن ما لبث أن تطور التعبير الحركى وأصبح أكثر دلالة وعمقا عند تكثيف مشاهد العلاقة بين الثلاثى: الزوج والزوجة والعشيقة. وكان استخدام شاشة العرض فى تقديم مشهد الكراسى التى يتحسسها الزوج والعشيقة موفقا ومعبرا بشكل كبير عن حميمة العلاقة بين الاثنين.. يعيدنا سريعا حبيب إلى نقطة البداية وتضاء خلفية المسرح ليكتمل مشهد البداية، حيث نكتشف أننا بداخل مقهى يرتاده الكثيرون وأن الزوجة أتت لاحتساء قهوتها وأن العرض هو بمثابة مواجهة مفترضة ومتخيلة بداخل رأسها الصغير. لحظة تركت فيها العنان لأفكارها وهواجسها لتستكشف نفسها وتعلن عن قوتها.