تعاظمت مخاطر الإرهاب فى النمسا بشكل ملفت خلال الفترة الأخيرة، فبعدما كانت العمليات الإرهابية تتم وفق أساليب تقليدية وتخلف ضحايا وخسائر محدودة في الفئات والمنشآت المستهدفة, أصبحت تتم بطرق بالغة الدقة والتطور مستفيدة من التكنولوجيا الحديثة، وباتت تخلف خسائر جسيمة تكاد تعادل خسائر الحروب النظامية سواء في الأرواح أو الممتلكات والمنشآت. حتى وقت قريب كانت العمليات الإرهابية عادة ما تستهدف اختطاف الطائرات المدنية أو اختطاف الأفراد وأخذ الرهائن واحتجازهم وكذا إلقاء القنابل وزرع المتفجرات التي لا تحتاج لمهارات . لكن مخاطرها الآن تصاعدت تبعا لتطور الوسائل المستخدمة والفئات والمنشآت المستهدفة، فقد لجأت الجماعات الإرهابية إلى استغلال كل ما من شأنه أن يمكنها من تنفيذ عملياتها ولو على حساب الأبرياء، وشهدنا مؤخرا مظهرا جديدا لهذه العمليات تمثل فى المخاوف التى اثارتها أزمة المهاجرين فى النمسا. وقد رحب العديد من النمساويين وفى مقدمتهم حزب الحرية اليمينى المتشدد فى النمسا باقتراح وزير الداخلية المحافظ، فولفجانج سوبوتكا، الداعى إلى تشديد قانون اللجوء وإلغاء إجراءات طالبى اللجوء الذين يتورطون فى ارتكاب جرائم، وإلغاء وضعية اللاجئين الذين يرتكبون جرائم تشمل جرائم السرقة بالإكراه والقتل والاغتصاب، وذلك بعد صدور حكم قضائى نهائى على المدانين فى هذه القضايا مما دعا بيترجريدلينج مدير المكتب الاتحادي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب فى النمسا إلى القول بوجود مجموعة من الإرهابيين النمساويين الذين يقاتلون فى سوريا دون تحديد أعدادهم. وارتفعت أصوات العديد من النمساويين هنا الى اخطار ما يسمونه الاٍرهاب الإسلامى ودرجة مخاطره على النمسا، مشيرين الى ان سوريا أصبحت المكان الأكثر جاذبية ومرتعا للجهاديين والإرهابيين فى العالم، وان عددا من الإرهابيين النمساويين قتلوا فى المعارك المسلحة فى سوريا، ويرى الشعب النمساوى ان عودتهم الى البلاد تشكل تحديا خطيرا، ولذا حذّر مكتب مكافحة الإرهاب في فيينا من عودة الإرهابيين إلى النمسا وأوروبا واصفاً السيطرة عليهم بالمهمة الصعبة على السلطات الأمنية. وعلى الجانب الآخر يرى الأجانب وخاصة العرب والمسلمين ان هناك ازدواجية فى التعامل والنظرة للارهاب، خصوصا عندما يتم التركيز على العمليات الإرهابية فى دول الاتحاد الأوروبى، خاصة فى وسائل الإعلام والصحافه والحشد لوسائل التأمين المختلفة وتجاهل العمليات الإرهابية التى تحدث فى الدول العربية وما تتركه من أعداد كبيرة من الضحايا، وخسائر اقتصادية ومالية، فضلا عن الخسائر المعنوية الجسيمة التى تتجلى في سيادة جو من الهلع والترقب وعدم الطمأنينة .