أخيرا تحركت الحكومة ممثلة فى المجموعة الاقتصادية لوضع برنامجها للإصلاح الاقتصادي بعد أن وصل الوضع الى حالة صعبة للغاية ممثلة فى عجز الموازنة وارتفاع معدل التضخم وزيادة الدين الخارجي والداخلي ووصوله لوضع غير مسبوق، وتترتب على هذا زيادة البطالة وارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازى متخطيا حاجز ال13جنيها. ومع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وبرنامج الإصلاح، هناك موجة جديدة من ارتفاع الأسعار والغلاء سوف تشهدها البلاد برغم استثناء السلع الأساسية ، لكن لا توجد رقابة حقيقية على الأسواق، وفى ظل غياب الردع فإن الجشع يزداد والفساد يتفشى كالسوس الذى ينخر فى الجسد . كلنا نعلم ان ما وصلنا اليه ليس وليد عام أو اثنين لكننا منذ قيام ثورة 25يناير والدولة تنفق من الاحتياطي ولا يوجد دخل ولا انتاج، بل يمكن ان نقول انه نتيجة تراكمية لسياسات خاطئة طوال ثلاثة عقود ندفع ثمنها الآن . والسؤال هو : هل تعتقد الحكومة ان برنامجها للإصلاح الاقتصادى والقروض اذا ما تم الحصول عليها كافية لحل مشاكلنا الاقتصادية ؟ يجيب الدكتور صلاح الدين فهمى (استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر) بقوله: هناك جهود تبذلها الحكومة لا نستطيع ان ننكرها لكنها غير مرضية على أى حال بسبب أن ما نعانى منه هو آثار 30سنة وصلت بالوضع الاقتصادى لما نحن عليه الآن نصف المجتمع المصرى تحت خط الفقر وتحت مستوى المعيشة ، أو بالمصطلح الاسلامى »تحت حد الكفاية«أى لا يأخذون حقهم من الخدمات، ما نحن فيه تداعيات قديمة للسنوات السابقة . وعندما أقول ان الوضع غير مرض بالنسبة لأداء الحكومة فالسبب أن كثيرا من القطاعات الإنتاجية غير منتجة لا تعمل سواء فى الزراعة أو الصناعة أو التجارة ناهيك عن قطاع السياحة الحساس لارتباطه بالخارج وهو مضروب الآن ولذلك فقدنا مصدرا هاما للعملة الصعبة . ومن المؤسف أن نشهد تباطؤا فى حركة التجارة العالمية أثر سلبا على عائد قناة السويس من العملة الصعبة رغم أن الإيرادات زادت لكن فى الحقيقة أغفلنا زيادة الأسعار التى تأكل كل شيء . فى ظل هذا الوضع كان من المتوقع أن نعانى من تدهور اقتصادى لكن الأسوأ منه الفساد الذى يستشري، ولا يوجد ما يضمن أن تنتهى أزمة الدولار فى السوق الموازى إلا إذا زادت الصادرات ونشط قطاع السياحة وزاد الانتاج . والواقع أننا بصدد حكومة كل وزير فيها بدرجة موظف كبير لا علاقة له بالسياسة ومصلحة البلد، يرمى المسئولية على رئيس الجمهورية وحده، لا يريد كل منهم ان يتحمل مسئولية اتخاذ قرار . لدينا والكلام مازال للدكتور صلاح قطاع تعليم عقيم وقطاع صحة مترهل نتيجة إرث ثلاثة عقود من الضياع ونحتاج لعشرين عاما حتى ينهضا ، حتى الإعلام معظمه ليس على قدر المسئولية، قد يكون سببا فى أزمات وبلبلة ودوره سلبي. أما المستثمر فيتردد لان الصورة أمامه غير واضحة لا توجد شفافية، أين قانون الاستثمار والشباك الواحد؟ لماذا لم يتم تفعيل ذلك؟ وقد تعبنا من الكلام منذ مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى حتى الآن . وتساءل: الى متى ستظل البيروقراطية والفساد تعوق اى جهود للتنمية؟ لقد كانت هناك برامج اصلاح اقتصادى اوائل الثمانينات والتسعينات ونتائجها معقولة، والتعامل مع صندوق النقد الدولى شيء جيد ومطلوب. لكن كما قلت ليس هذا كافيا هناك إجراءات أخرى بديهية مطلوبة لضبط الأسعار والقضاء على البيروقراطية والفساد، ولا أنسى كلمة كريستين لاجا رد ممثلة صندوق النقد الدولى فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى عندما أبدت ملاحظتين على الوضع المصرى ان 18% فقط من المصريين يتعاملون مع البنوك، وان المرأة لا تأخذ حقها فى سوق العمل، والوضع لم يتغير . اذن لابد من الشفافية والوضوح وان نواجه أنفسنا بالأخطاء ولا ندفن رءوسنا فى الرمال لكى نستطيع حل المشاكل ومواجهتها بدلا من محاولة تجميل الصورة . تساؤلات منطقية يرى الدكتور عبد الرحمن عليان (أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس) انه من الصعب الحكم على برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى إلا بعد قراءته جيدا ثم تقييمه ودراسة تأثيره على حجم الاستثمار وأوجه التمويل المحلى والاجنبى والأسعار والطبقات الفقيرة وهل سيرفع متوسط دخل الفرد ويحل مشكلة البطالة ويرفع قيمة الجنيه ويخفض نسبة التضخم . ولحين الاجابة عن هذه التساؤلات هناك خطوات مطلوب اتخاذها لزيادة الاحتياطى من الدولار ولكى يعود سعره لقيمته الحقيقية ، أهمها معالجة ضعف إنتاجية العامل المصرى الذى أصبح غير مرحب به فى سوق العمل الخارجى وهذا يفسر أيضا لماذا يفضل رجال الأعمال الاستعانة بعمالة أجنبية .فالعامل المصرى غير مؤهل على مستوى حوض البحر المتوسط ولا يحصل على تدريب كاف والنظم الإدارية عقيمة لانها لا تطبق سياسة الثواب والعقاب وهذا يفسر الهجوم العنيف على قانون الخدمة المدنية ، العامل يريد ان يحصل على كل شيء ويعمل بربع طاقته ويهمل ويقصر ولا يعاقب . فى ظل هذا لا نتوقع طفرة فى الإنتاجية ، وإذا أردنا ان نواجه مشاكلنا لابد ان نحاسب الفاسد والمهمل والمرتشى وينال الملتزم ما يستحقه من مكافأة. وهناك نقطة خطيرة لا نلتفت لها هى زيادة معدلات المواليد التى تأكل أى جهود للتنمية فقد ارتفعت النسبة الى 2٫3% ومن ينجبون يريدون ان تقدم الحكومة لهم كل شيء تعليم وصحة وسكن وعمل هذا وضع غير عادل ولابد من إجراء لمواجهة ذلك ولنتبع سياسة الصين فى عدم رعاية ودعم الدولة للطفل الثالث، وهذا ليست له علاقة بالدين والحلال والحرام حتى لايخرج علينا من يحرم ذلك . ايضا لابد من النظر على قوانين الاستثمار على ارض الواقع وليس على الورق ، فلدينا مصانع متوقفة أصحابها يطالبون بدعم الطاقة المقدمة لهذه المصانع ولابد فى المقابل من ضمان سعر ما ينتجونه لأن الدعم المقدم لمصانعهم من قوت المواطن الكادح .برامج التقشف التى تعلن عنها الحكومة أتمنى أن تكون حقيقية وليس شو اعلاميا، وأخيرا لابد أن نضمن أن هناك عدالة فى توزيع عائد برنامج الاصلاح حتى لا يحدث خلخلة فى السلام الاجتماعى كما حدث أيام مبارك عندما ارتفعت معدلات التنمية لكن المستفيد كانوا فئة قليلة على حساب غالبية الشعب الكادح . ارتفاع معدلات الفقر وتقول الدكتورة يمن الحماقى (أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس): ان نسبة من هم تحت خط الفقر زادت من 26% الى 8و27 % كما أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء وهذا معناه ان التضخم يأكل القدرة الشرائية للمواطنين وانه لا توجد جهود لرفع الانتاجية وان مساهمة القطاع الخاص تقل. وبخصوص الاستعانة بصندوق النقد الدولى لتمويل البرنامج بالحصول على قرض فهى خطوة مطلوبة ومتأخرة جدا ولو تحركنا مبكرا ما تفاقم الوضع بهذا الشكل، وهذا يدل على أن الحكومة ليست لديها رؤية، وأكبر دليل على ذلك وزير المالية حينما يقول هناك 52سلعة معفاة من ضريبة القيمة المضافة شيء جميل لكنه يضيف ليس لى علاقة بالاسواق ، وبدورى أقول له بل لك علاقة لأنك تقدم الموازنة فى اطار حكومة أنت عضو فيها ولست بمفردك . للأسف الحكومة تعلم ان السوق غير كفء ويحكمه احتكارات وقطاع غير رسمى وحتى بطاقات التموين هناك فئة قادرة تستفيد منها ولا تستحقها ولا توجد رقابة فعالة على الاسواق والمواطن يدفع ثمن كل ذلك . أعود لبرنامج الحكومة التى تنوى طرح سندات دولارية فى الأسواق العالمية ألم تعلم ان هناك كسادا فى العالم ولكى يتم شراء هذه السندات لابد من رفع الفائدة عليها ونحن الذين سنتحمل عبء هذه الفائدة ؟ باختصار والكلام للدكتورة يمن نحن نسير فى إطار إدارة بالأزمة وهناك حلول لا نلتفت لها لا أعلم لماذا؟ هناك سلع كثيرة غير أكل الكلاب والقطط يمكن وقف استيرادها وتصنيعها محليا، لابد من استغلال الطاقات المتاحة والموارد الموجودة وتشجيع الصادرات لبعض الصناعات مثل والجلود والصناعات الغذائية ويمكن ان يحدث ذلك نقلة فلماذا لاندعمهم وتوسيع شبكة الانتاج وادخال قطاع الأعمال العام . محاربة الفساد بكل قوة وكذلك سوء الادارة وارتفاع التكاليف ووقف استيراد المشتريات الحكومية وانتاجها محليا بدلا من استيرادها . حل ازمة سعر الصرف فى السوق الموازية على المدى القصير من خلال تحويلات المصريين فى الخارج وهذا دور البنوك المصرية فى الدول التى بها كثافة من العمالة ومحاولة تشجيعهم . حل مشكلة المصدرين وهى دور البنوك ايضا التى تصر على محاسبتهم بالسعر الرسمى ولابد من ايجاد حل وسط يشجعهم على ادخال الاموال البنوك. السياحة، لابد من طرق كل الأبواب من أجل عودتها وأين مجهودات الوزير ورجاله فى هذا الشأن، قلنا السياحة الصينية ولم نجد سياح من الصين أو غيرهم، أكاد أقول: هناك آداء متدن لمعظم أجهزة الدولة .