يرتبط شهر رمضان بأغذية معينة كالكنافة والقطايف والياميش، كما أن الجغرافيا لها دور فى تحديد أغذية معينة، فعلى سبيل المثال تحرص الأسر الدمياطية على تناول البط فى اليوم الأول من شهر رمضان، وهو ما أطلقت عليه الأهرام «مذبحة البط»، حيث يستهلك الدمايطة ما قيمته 49 مليون جنيه من البط فى اليوم الأول من رمضان، لكن «التمر» يظل هو القاسم المشترك فى الأغذية التى ترتبط بشهر الصيام، فمن السُنة النبوية المطهرة الإفطار أو كسر الصيام على «تمر». وثمة ملاحظة هى أن نخيل «التمر» من المحاصيل الغذائية القليلة التى ارتبطت بتاريخ الإنسان، فالتمر غذاء مركز ومصدر جيد للطاقة، وهو يستهلك إما فى صورة الرطب أى الصورة شبه الناضجة أو الصورة تامة النضج التى تعرف بالتمر، وتشكل الرطب نحو 30 40%، فى حين يمثل التمر نحو 60 70% من إجمالى استهلاك هذه الثمار، ولقد جاء ذكر نخل البلح وثماره فى كل من التوراة والإنجيل والقرآن، ففى التوراة ذكر التمر باعتباره واحدا من الأغذية السبعة المقدسة وهي: الشعير والقمح والعدس والفاصوليا والثوم والبصل والتمر، وكلمة «تمر» تعنى فى اللغة العبرية المرأة الجميلة، ويرتبط التمر رمزيا بالأناقة، كما أن أحد الأعياد اليهودية يرتبط بأوراق أشجار النخيل، أما فى المسيحية فقد ذكر التمر فى الإنجيل، كما أن أوراق «سعف» النخيل تستخدم فى الاحتفال بأحد الأعياد المسيحية «أحد السعف»، وفى القرآن ورد ذكر النخيل فى 20 آية تقع فى 16 سورة من سور القرآن الكريم، ومن هذه السور نذكر (فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام) [11 الرحمن]، (فيهما فاكهة ونخل ورمان) [68 الرحمن]، (وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) [25 مريم]. وحسبنا أن نعلم أن النخل من أشجار الجنة، وفى كتاب العلامة المحقق أحمد تيمور باشا «الأمثال العامية» جاء ذكر النخل فى مثل واحد هو «زى نخل أبوقير دكر قدام دكر»، لأن أبوقير تكثر الفحال فى نخلها، فيقل التمر فيها، ويضرب المثل لقوم يكثر عددهم وتقل الفائدة المرجوة منهم لكثرة العاطلين فيهم. ويصل عدد أشجار نخيل التمر فى العالم إلى نحو 95 مليون نخلة، وتعتبر مصر هى الدولة الأولى على مستوى العالم فى إنتاج التمر، حيث تنتج نحو 17% من إنتاج العالم، وعلى الرغم من ذلك، فإن مصر ليست من الدول الرئيسية المصدرة له، وهو يتميز بقيمته التغذوية العالية، فهو مصدر جيد للطاقة، كما يعتبر مصدرا جيدا لبعض فيتامينات «ب» المركبة، بالإضافة إلى احتوائه على نسبة جيدة من الكاروتينات «مولدات فيتامين».. أضف إلى ذلك أن التمر يعتبر من المصادر الجيدة للبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم. ولأن التمر يحتوى على تركيزات محسوسة من المركبات التى تسمى مركبات الفتيو، فإنه يتدرج بامتياز تحت ما يسمى ب «الأغذية الوظيفية»، وهى الأغذية التى إلى جانب محتواها من المغذيات، توجد بها مركبات نشيطة حيويا تحمى الإنسان من الإصابة بأمراض خطيرة كالسرطان وأمراض القلب، حيث تعمل مضادات الأكسدة على كسح ما يسمى بالشوارد أو الجذور الحرة، والتى تعمل على زيادة الجهد التأكسدى الواقع على الخلية، مما يجعلها هشة فتفقد مناعتها، ومن ثم تكون مهيأة للاختراق والغزو بالميكروبات، فتفقد الخلية حيويتها وتمرض بعد أن تعتل وظائفها الفسيولوجية. وسبحان الله، فإنه يمكن الاستفادة من كل أجزاء النخلة وليس الثمار فقط، حتى إن النوى يمكن تحميصه وطحنه واستخدامه فى العديد من الأغذية كمصدر جيد لمضادات الأكسدة والألياف الغذائية، والأخيرة تساعد على الهضم وتحمى الإنسان من أمراض خطيرة، على الرغم من أنها أى الألياف الغذائية لا تهضم ولا تمتص فى القناة الهضمية للإنسان، وذلك بسبب غياب النظم الإنزيمية المحللة لها. ويعتبر التمر واحدا من الأغذية العلاجية التى ثبت تأثيرها الفعال فى الحد من مضاعفات بعض الأمراض إن لم يكن علاجها. د. محمد محمود يوسف سكرتير عام الجمعية العلمية للصناعات الغذائية