حين دخلنا إلى حجرة الآثار النبوية بمسجد الإمام الحسين، رضى الله عنه، بالقاهرة، إذا بخشوع يحيط بالمكان، وتستشعر أنك واقف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأينا هذه الآثار العظيمة التى تشم رائحة المسك يفوح منها، وتجد نفسك فى حالة بكاء مستمر. وحجرة الآثار النبوية بالمسجد بناها الخديو عباس حلمى وبها قطعة من قميص النبي، وشعيرات من لحيته والمكحل والمرود وقطعة من العصا التى كانت بيد النبى حينما فتح مكة وكسر الأصنام. ويؤكد الدكتور أمير محفوظ محمد، إمام وخطيب مسجد الحسين، أن محبة آل رسول الله فرض دينى ومودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ان التشكيك بعدم وجود أى أثر لسيدنا الحسين بمصر، والاختلاف حول مثوى الرأس الشريف معركة فى غير معترك. وقال فى حوار ل « الأهرام» إن توافد الملايين على المقام الشريف على مدار العام هو حب للحسين رضى الله عنه واحترام له ولجده صلى الله عليه وسلم لان أهل مصر مشهورون بحبهم للرسول وأهل بيته، وهناك ما يشهد له كثير من خواص الناس من العلماء ومن عامة الناس عن نفحات الحسين ولكن من يخرج بالمبالغة عن سياق الاحترام والتبجيل للإمام الحسين يبتعد عن روح الإسلام. وأكدت روايات التاريخ أن وجود رأس الإمام الحسين بالمسجد المسمى بإسمه بقاهرة المعز وكان ذلك فى عصر من العصور استجلب رأس الإمام الحسين من مستقره بعسقلان فى فلسطين إلى القاهرة وذلك فى موكب مهيب من سواد المسلمين الأعظم العامة والخاصة من العلماء والنقباء والأشراف وسائر طوائف المسلمين المختلفة ثم استقر فى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة حيث أعد هذا المسجد خصيصا له، كما أكدت الدكتورة سعاد ماهر أقدم عميدة لكلية الآثار صاحبة الكتاب الرائع (مساجد مصر وأولياؤها الصالحون) الذى أرخ لرحلة رأس الإمام الحسين وقد صالت وجالت فى بطون الكتب التاريخية التى أكدت هذه الرواية بحلول الرأس الشريف بمصر، وإننا لنؤمن إيمانا جازما بأن الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة من الشهداء وأن الشهيد لا يحده مكان معين فالنبي، صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشهداء أرواحهم تسرح بأنهار الجنة) مما يدل على عدم حدودية المكان للشهيد، والشخصية التى نتكلم عنها هى شخصية غنية عن التعريف، والاختلاف حول مثوى الرأس الشريف معركة فى غير معترك. الإقبال كبير من الزائرين إلى مقام سيدنا الحسين .. فما أسباب ذلك؟ نعم هناك إقبال كبير على مقام سيدنا الحسين فيأتى الزائرون السائلون، وذلك لأن هؤلاء الزائرين يعلمون جيدا بفضل زيارة آل البيت لحديث الرسول الشريف: « أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِى لِحُبِّ اللَّهِ ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِى لِحُبِّى «، فهو يدعو لحب آل بيته وكرر ذلك فى أكثر من حديث، وأكد أن المسلمين يحبون آل البيت وكل الأشراف وكل أصحاب رسول الله وزوجاته رضى الله عنهم جميعا والتوسل لله سبحانه وتعالى بآل البيت والرسول لا يعنى الشرك ولكنه يعنى أنهم وسيلة لقبول الدعاء من الله وليسوا هم من يقبلون الدعاء أو يستجيبون له فلا يجب أن يدعوا الحسين من دون الله، ولا يعتقدون فيه العصمة ولا أنه يعلم الغيب. وماذا عن السائلين الذين يأتون إليكم ؟ وهل يقصدونكم فى فتاوى؟ يأتى السائلون والمستفتون، ويكون ذلك فى القضايا التى تشغلهم من أمور دينهم، ودنياهم فيجدون من يفتيهم فى العلم الشريف الوسطى الذى يثلج الصدور ويحل الإشكال، أما عن نوع الأسئلة فهى دينية وشخصية واجتماعية، أما القضايا الاجتماعية التى تشمل الزواج والطلاق، فنحيلها إلى دار الإفتاء أو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ولكن هناك مشكلات يجب الرد عليها فى الحال مثل المشكلات الزوجية والتربوية بين الآباء والأبناء، ويكون معنا فى الرد على هذه الفتاوى السيد رئيس المجلس الدكتور عبدالله النجار والدكتور مجدى عاشور وأئمة المسجد. وماذا عن الحجرة الموجودة قبل الإمام وبها الآثار النبوية الشريفة؟ وهل تدعونى لزيارتها؟ الحجرة بالفعل بها الآثار النبوية الشريفة، والمسجد يمتد تاريخه لأكثر من 1000 عام، وتوالت عليه العصور التاريخية المختلفة، أنشأها الخديو عباس حلمي، من الأسرة العلوية، حيث جمع بها عدداً من الآثار النبوية التى يتخذها زائرو الرحاب الطاهرة أثرا من آثار سيد الخلق، ومن هذه الآثار النبوية ما يلي: أولها، قطعة من قميص النبي، صلى الله عليه وسلم، بها عرقه، وعرق النبي، صلى الله عليه وسلم، ريح المسك، ثانيها، أربع شعيرات من لحيته الشريفة، والمعلوم أن الشعر الآدمى يفنى غالبا بعد ثلاثين عاما من موت صاحبه، لكن بقاء شعيرات لحية النبي، صلى الله عليه وسلم، دليل صدق قوله: (إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء)، ثالثها، السيف الذى يسمى (العضد)، وهو أهدى للنبي، صلى الله عليه وسلم من سيدنا سعد بن عبادة، رضى الله عنه، ولم يؤثر أن النبى قاتل به، رابعها، المكحل والمرود، وهما آلتان لاكتحال النبي، صلى الله عليه وسلم، فكان النبى يكتحل بكحل يسمى (الإثمد)، والاكتحال سُنة الإسلام للرجال والنساء، خامسها، قطعة من العصا التى كانت بيد النبي، صلى الله عليه وسلم، حينما فتح مكة وكان يشير بها إلى الأصنام فتقع على الأرض بإشارته، وهى مدهونة بمادة (الجمالاكا)، وموضوعة فى إطار حديدى للحفاظ عليها، سادسها، مصحف ينسب إلى الإمام على بن أبى طالب، وهو مكتوب بالخط الكوفى من غير نقط ولا شكل، وهذه هى الهيئة الأولى التى كتب بها المصحف، حيث كان الاعتماد على التلقى الشفاهي، وليس من مصاحف الأمصار. ماذا عن الباب الأخضر، وباب الفرج بسيدنا الحسين؟ المسجد به 9 أبواب، الرئيسى منها ثلاثة، باب الفرج الخاص بالرجال، وهو الرئيسى والرسمى والشرفي، والباب الثانى هو الباب الأخضر، وهو خاص بدخول النساء فقط، وهذا اسمه (الأخضر)، أما الباب الثالث، فهو الباب البحري، وهو يطل على الجهة البحرية للمسجد، وبقية الأبواب جانبية، والمسجد يهتم به المسلمون من شتى بقاع المعمورة، فيقصدونه بالزيارة والصلاة، وإقامة الشعائر الدينية السُنية التى شرعها لنا النبي، صلى الله عليه وسلم، وفى رمضان تقام الشعائر وصلاة التراويح، وتلاوة القرآن وهناك الدروس المعتاد عليها رواد المسجد وهى بعد صلاة العصر.