هناك فرق كبير بين ما تم الآن في البلاد من إنجاز حقيقي للمشاريع التي نعقد العزم علي إنشائها مع الاستعانة بأهل الخبرة والمستشارين المتخصصين، وما كان يحدث في العقود السابقة، فلقد كان الكثير منها في الماضي القريب عبارة عن «زفة» يتصدرها رئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص أو محافظ الإقليم ويصاحبه رهط من مسئولي الوزارات مع تغطية إعلامية بالصوت والصورة أمام النصب الذي تتوسطه قطعة من الرخام محفور عليها أنه تم في عهد فلان وضع حجر الأساس للمشروع الفلاني بتاريخ كذا وفي وجود عدد من قوالب الطوب وقصعة بها خليط المونة ومسطرين، ثم يتسابق المحيطون بمناولة «العدة» لكبيرهم لكي يضع بيده الكريمة الطوبة الرمزية لتكون لبنة المشروع، وبعدها يتفرق الجمع ويتبقي حجر الأساس لعشرات السنين شاهدا علي التقاعس في التنفيذ وبمرور الوقت تتبدد ميزانية المشروع في مصاريف أخري سرية أو علنية ويتهدم النصب تدريجيا إلي أن يختفي تماما..أما أصحاب مشاريع القطاع الخاص المرضي عنهم من النظام السابق، فقد أجزل لهم العطاء بآلاف الأفدنة مقابل دراهم قليلة تحت زعم الاستصلاح الزراعي، فأقاموا بها منتجعات وفيلات باعوها بمئات الملايين، وتحت شعار «الخصخصة»، دمروا مشاريع قطاع الأعمال العام ركيزة الصناعة المصرية لتؤول إليهم بثمن بخس ضمن عملية فساد ممنهج وتخريب متعمد. ولو قارنا هذا الماضي بحاضرنا لوجدنا أن ما يحدث الآن يختلف عن ذي قبل جملة وتفصيلا، ولا شك في أن المحرك الأول لهذه المرحلة هو الرئيس عبدالفتاح السيسي والمخلصون من مساعديه، إذ يسابق الزمن ليعوض ما فاتنا، وعبر عن ذلك في خطابه خلال الاحتفال بعيد العمال بقوله: «إننا نطمح معا لتدشين قاعدة صناعية تتيح لمصر تصدير مختلف منتجاتها الصناعية إلي الخارج وترفع في كل مكان شعار (صنع في مصر)»، وما يتم الآن من نجاحات علي أرض مصر لا ينكرها إلا جاحد، إنها مشروعات صاعدة واعدة دون ضجيج وستأتي أكلها بإذن الله، فمنها ما تحقق فعلا ومنها ما سوف يتحقق في فترة قريبة وعلي مدي فترات مقبلة، ونعترف بأن «الزفة» الوحيدة التي حدثت كانت بعد حفر قناة السويس الجديدة وتجهيزها للملاحة وليس قبل حفرها، وكان من حقنا أن نفرح ويفرح معنا ملوك ورؤساء الدول المحبة لنا وباقي دول العالم التي ستستفيد وتفيد من هذا الإنجاز في توفير الوقت والجهد والمال، وتحقق كل ذلك في عام واحد فقط علي أكمل وجه بسواعد شبابنا وخبرة علمائنا وإدارة المخلصين من رجالنا، وهو زمن قياسي يستحق أن يدرج بموسوعة «جينيس»، ولن أعدد المشاريع كلها فهي كثيرة جدا، وقد قطعنا شوطا طويلا في إقامتها، ومن أبرزها شبكة الطرق العنكبوتية عبر مصر كلها بما يقارب 3200 كيلو متر، سحارة سرابيوم لري 70 ألف فدان في سيناء، زراعة مساحة لابأس بها من خطة زراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء خاصة القمح المركز اللوجيستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية، بالإضافة إلي الميناء العالمي المستقبلي ومدينة الأثاث بدمياط، آلاف الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، مدن صناعية وزراعية متكاملة، وكذلك مشروعات استثمارية لا حصر لها يقيمها المستثمرون العرب من الخليج والأجانب من الدول الغربية، وغيرها الكثير والكثير، إن ما يميز هذه الفترة هو المصداقية، وحسن التخطيط بواسطة مستشارين متخصصين أكفاء لدراسة الجدوي الاقتصادية لأي مشروع وتوفير العقول المبدعة وتجهيز العنصر البشري، وضمان توفير التمويل اللازم والعمل دون تلكؤ، والسرعة في التنفيذ مع الدقة والجدية للانتهاء من المشروع في الوقت المقدر له.. وتسلم الأيادي. د. مصطفى شرف الدين