جوهر القضية المصرية اليوم هو مستقبل مصر, وفي الماضي كان الموضوع يصاغ في صورة السؤال ز س فإن أحدا لا يريد الإجابة عليه أيضا. ما لدينا لا يزيد علي مجموعة مبادئ عامة لا تزيد علي أننا نريد, أو هكذا قالت ثورة يناير, العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. ولو أن الثوار الأمريكيين اكتفوا بما جاء في إعلان الاستقلال الأمريكي عن أن الإنسان منحه خالقه الحق في الحياة والحرية والسعي نحو السعادة, لما سمع أحد عنهم بعد ذلك. ما جعل هذه الكلمات تحمل معني كان وضعها في دستور محكم كانت له عيوبه, ولكنه ظل حاكما للولايات المتحدة حتي اليوم. ولم تكن القضية دستورية فقط, بل كان فيها ترجمة المبادئ الأساسية إلي بنك فيدرالي, وعلاقات بين الولاياتالجديدة, والأخري القديمة, ونظرة علي المكانة الإقليمية للدولة فيما عرف بالمجال الغربي. القصة تكررت في بلدان كثيرة كتب لها التاريخ أن تتخطي التخلف إلي التقدم, والظلمات إلي النور, والظلم إلي العدالة. لم تكن المسألة أبدا سهلة, وكان هناك دائما من هم مغرمون بالأكروبات القانونية, والبهلوانيات المذهبية, ولكن الإدراك السائد والغالب هو ضرورة ترجمة الكلمات الأولي إلي واقع عملي له أول وآخر ومسئوليات محددة لها رجال يتولونها ويتحملون تبعاتها. في بلدان أخري لم يكن هناك من الرجال من هم علي قدر المهمة العظمي ومن ثم انشغلوا في تمزيق أوطانهم بالكلمات تارة, وبالعنف تارة أخري. ما لدينا الآن هو أهم الاختبارات التي عرفتها مصر منذ انهار نظام ولم يقم نظام آخر, كان هناك من قال بنهاية الثورة, وهناك من قال إنها لم تكتمل, وهناك من رأي بضرورة البداية من أول السطر, وما هو يعني القيام بثورة جديدة, ولكن لم يكن معلوما أبدا ما الذي سوف تفعله الثورة الجديدة وفشلت فيه الثورة القديمة. لقد أزالت الثورة سدا هائلا كان واقفا في وجه التنمية المصرية, ومستعصيا علي التقدم المصري, ومن عرف أركان النظام القديم كان يعرف أن طموحاتهم قليلة, وأحلامهم كوابيس, ورؤاهم عن القدرات المصرية متواضعة. ولكن, وبصراحة كاملة, فإن رجال الثورة لم يثبتوا شيئا آخر, لم تتحول الكلمات إلي خطة عمل, ولم تترجم الشعارات إلي عالم جديد, ولم تزد قدرات الرجال ومواهبهم في القيادة عما رأيناها في وزارات الثورة المتتابعة. كان هناك من هو علي استعداد للموت, ولكن من كانوا علي استعداد للبناء انسحبوا ساعة كانت الحاجة ماسة إليهم!. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد