الزراعة: إزالة 167 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية في المهد خلال يومين    زلزال اليوم.. هزة قوية تضرب قبرص ويشعر بها المصريون    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    حملات تموينية موسعة بالقليوبية تكشف مخالفات جسيمة وسلعًا غير صالحة للاستهلاك    خالد النبوي يوجه رسالة إلى المخرج محمد محمود عبدالعزيز.. ماذا قال؟    الوزراء: المتحف المصري الكبير تجاوز التوقعات بعدد الزائرين (فيديو)    عاجل- مصر تؤكد التزامها بالشراكات الدولية والاستثمار في البحث والابتكار لدعم التنمية الصحية    وزير السياحة والآثار: افتتاح المتحف الكبير أثار شغف المصريين والسائحين بالحضارة المصرية القديمة    6 مرشحين يتأهلون لجولة الإعادة في دائرة بندر ومركز المنيا البرلمانية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    الفصل المقبل في أوروبا.. تقرير يرصد التقدم والعثرات بمسار توسيع الاتحاد الأوروبي    الكويت: المحكمة الجنائية الدولية أداة رئيسية فى مبدأ مكافحة الإفلات من العقاب    جوتيريش يهنئ الشعب العراقى على إجراء الانتخابات البرلمانية    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    لابورتا عن رحيل ميسي عن برشلونة: لا أشعر بالندم    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    زيركزي يدرس 5 عروض للرحيل عن مانشستر يونايتد في يناير    وصول بعثة يد سموحة للإمارات لمواجهة الأهلى فى نهائى كأس السوبر    6 مرشحين يتنافسون على الإعادة في دائرة ملوي    حبس الأنفاس.. لحظة انهيار عقار مكون من 8 طوابق بجمرك الإسكندرية "فيديو"    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    وزارة التضامن توقع عقد الخدمات فى المشاعر المقدسة لحجاج الجمعيات الأهلية    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    سعر الذهب العالمى يتراجع.. ومحليا عيار 21 يسجل هذا الرقم    البيضة ب 3 جنيهات.. أسعار البيض فى كفر الشيخ الأربعاء 12 نوفمبر 2025    محمد محمود عبدالعزيز يحيي ذكرى وفاة والده: بتوحشني وهتفضل واحشني    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    خالد سليم ينضم لأبطال مسلسل ست الحسن أمام هند صبرى فى رمضان 2026    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية وعينية لعدد من الحالات الإنسانية    طريقة عمل كفتة الفراخ بخطوات بسيطة وطعم لا يقاوم (الخطوات والمقادير)    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    وفاة سيدة خنقا على يد زوجها بالمنوفية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    كمال شعيب: قرار سحب أرض الزمالك "باطل".. وسنستعيد حق النادي بالقانون    محافظ الفيوم يشهد الندوة التوعوية"دور الرقابة الإدارية في الوقاية من الفساد ومكافحته"    مصر وجنوب إفريقيا يبحثان التعاون في صناعات السيارات والحديد والصلب والمناطق اللوجيستية    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    بعد 70 عاما من البث.. قرار إغلاق إذاعة الجيش الإسرائيلي جالي تساهال يثير موجة غضب واسعة    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    وزير الخارجية يزور مقر اتحاد الغرف والبورصات التركية (TOBB) في أنقرة    ضبط 314 طن لحوما مجمدة منتهية الصلاحية في الشرقية    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيم الثقافية حصان التجديد
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2016

كان من الطبيعى ألا تجد الدعوة لتجديد الخطاب الدينى التى وجهت خطأ إلى رجال الدين فى مصر الصدى الإيجابى المتوقع،
وذلك لعدة أسباب: طلب المهمة من رجال الدين كان يحمل اتهاما ضمنيا لهم بأنهم وراء التشدد الدينى، وما نسب إليه من أحداث، وهو ما أرى أنه حكم جائر لأننا نعيش فى عصر تأتيك فيه الأفكار من كل حدب وصوب دون أن تطلبها أو تحاول استدعاءها، وبالتالى ليس من الضرورى أن يكون رجال الدين فى مصر هم أسباب أفكار التشدد الدينى، السبب الثانى أن هذه المهمة، وإن كانت مهمة رجال الدين، فهى مرتبطة ارتباطا لا ينفصم بمهمة أكثر تركيبا قوامها فى رأينا إحداث تغيير ثقافى قيمى فى المجتمع ليست من مهمة رجال الدين تغيير من شأنه أن يؤدى بالضرورة إلى جعل الفكر بصفة عامة، وبالتالى الخطاب الدينى قادر على التعامل مع مشكلات المرحلة الراهنة وكل مرحلة.
لن نختلف كثيرا على أن البيئة التعليمية والثقافية فى مصر لم تواكب فى العقود الخمسة الأخيرة على الأقل التغير أو التطور الذى حدث فى مثيلاتها من دول العالم فى محتوى ومناهج وطرق التعليم والتقويم والتفكير، وهو ما يوجد فراغا فكريا وأمية تعليمية لدى قطاع كبير من المجتمع جعلها أمة غير مؤهلة لأن تفكر لنفسها وجعل النخبة فى أسلوب تناولهم لمشكلات العصر إما أن تلقى بنفسها فى أحضان الماضى باحثة فيه عن الحل أو تجد فى النموذج الغربى حلولا سحرية جاهزة، فإذا أضفنا إلى ذلك الدكتاتورية السياسية والفكرية التى لم تمكن النخبة من المشاركة فى وضع حلول أبسط مشكلاتنا الحياتية، وإن حدث وشاركوا، فما نسبة الحلول التى سمحت فيها النظم السياسية للنخبة بالمشاركة بها؟.
انتشر فى العالم وهو ما بدأ فى الولايات المتحدة فى سبعينيات القرن الماضى ما يعرف بالتفكير الناقد، كمقرر دراسى لا يحصل الخريج على شهادته الجامعية دون أن يجتازه، هذا المقرر جاء مواكبا للتفكير الناقد كأسلوب فى التعليم، اشترك كاتب هذه السطور فى 2006 فى مؤتمر فى جامعة جورج تاون بورقة بحثية حاول أن يبين فيها أوجه الشبه بين الديمقراطية والتفكير الناقد ذاهبا إلى أن الديمقراطية السياسية هى تماما التفكير الناقد كوسيلة فاعلة فى التعليم، وأن الدكتاتورية هى طريقة التعليم التقليدية، وإذا كان قد ثبت فساد الدكتاتورية كنظام سياسى يحكم العلاقة بين الحاكم والمواطنين، فطرق التدريس التقليدية طرق فاشلة يجب التخلص منها فورا، الدكتاتورية هى حكم الفرد الواحد الذى يملى آراءه وقراراته على الشعب بغض النظر عن قبولهم له، وفى طريقة التدريس التقليدية المهم هو المتحدث الوحيد الذى يلقى بمحتوى معين على الطلاب عليهم حفظه بغض النظر عن رأيهم فيه أو استيعابهم له فى الدكتاتورية لا صوت يسمع سوى صوت الحاكم، وإذا جرؤ أحد أن يتحدث حديثا مختلفا فمصيره معروف، وفى طرق التدريس التقليدية لا متحدث سوى المعلم، وإذا جرؤ طالب أن يسأل أو يشارك برأى مختلف، فمسموح للمعلم أن يجعل منه مادة للسخرية أو يخرجه خارج الفصل لجريمته الشنعاء، فى الدكتاتورية المشاركة فى الرأى مسموح بها فى حدود سياق محدد سلفا أغلبه مدح للحاكم الذى لا يخطئ، وفى طريقة التعليم التقليدية المشاركة مسموح بها فى حدود تسميع الطالب لما حفظه من المعلم، أول قيمة يعلمها التفكير الناقد للطالب مختلفا بها عن أسلوب التعليم التقليدى هى قيمة الاختلاف وقبول الآخر، وأول قيمة نتعلمها من الديمقراطية ونمارسها هى الاختلاف وقبول الرأى الآخر، يدعم التفكير الناقد أسلوب التعلم الذاتى للطالب، وبالتالى التفكير للنفس وبالنفس، وتدعم الديمقراطية التفكير المستقل والحلول الابداعية، الاختلاف وقبول الآخر يضمنان بالضرورة التنوع، والتعددوالتنوع يضمنان الاختلاف ويرسخان قيمة قبول الآخر.
تجديد الفكر فى رأينا يكون بإيجاد بيئة تعليمية ثقافية سياسية تنشر قيم التنوع والاختلاف وقبول الآخر واستقلالية التفكير وترسخها فى المجتمع، هذا يكون بالعمل من ناحية على ترسيخ الممارسة الديمقراطية التى أساسها الحرية السياسية والاجتماعية والثقافية، ومن ناحية أخرى على ايجاد بيئة تعليمية تثور فيها مناهج وطرق التعليم التى تقوم على هذا التفكير الناقد الذى أوضحناه.
متى سادت هذه القيم وهو ما لن يحدث بين يوم وليلة وأصبحت جزءا من عقيدة الأمة يغرسها التعليم وينميها الإعلام وترسخها المؤسسات الثقافية، أضحى التجديد عملية مستمرة لا تتوقف، وناتجا مباشرا طبيعيا لفكر مقوماته هى التنوع والاختلاف والتسامح، فكر قادر على التعامل مع مقتضيات العصر بما تحتاجه، ولما كان رجال الدين شريحة من مجتمع هذه هى قيمه السائدة، لن ننتظر منهم سوى استخدام عصرى لدين يصلح لكل زمان ومكان هو بالضرورة أحد مقومات الثقافة المصرية.
لمزيد من مقالات د. بهاء درويش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.