هل مصر تتجه فى سياستها الخارجية الحالية نحو دول شرق آسيا، أم هى محاولة لإحياء فترة ماضية، حيث كان عصر العلاقات المتميزة بين كل من مصر والصين والاتحاد السوفيتي وقتها، فضلا عن العلاقات الأخوية مع دول المجموعة الآسيوية مثل الهند وإندونيسيا، والتي ارتكزت فى مرجعيتها على كتلة عدم الانحياز؟. ويقول محمد رشيدى كاتب ومحلل سياسى، إن تدخل واشنطن فى شئون البلاد، ودعمها لجماعة الإخوان المحظورة، دفع مصر للاتجاه شرقا، بانطلاقة جديدة بدأتها مبكرا مع روسيا. ويضيف أن زيارة السيسى لروسيا كانت تهدف الى ترسيخ التعاون العسكري والاقتصادي، ومناقشة عدة قضايا مهمة في منطقة الشرق الأوسط، على رأسها الملف السورى، حيث اعتبرت مصر أن روسيا لاعب أساسي فيه، ومن ثم جاء تقارب وجهات النظر بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين بشأن هذا الملف. ويرى المحللون أن الرئيس السيسى أراد أن يبعث برسالة إلى الولاياتالمتحدة مفادها أن مصر بصدد الخروج من العباءة الأمريكية، وأنه لن يمشى على درب السياسة الخارجية المصرية التى وضعها الرئيس الأسبق حسني مبارك، بل انه سيعمل على تعزيز العلاقات بين القاهرة وموسكو، وإعادتها إلى قوتها وحيويتها، مع الوضع فى الاعتبار أن روسيا لن تكون بديلا لأمريكا فى علاقاتها الخارجية، وإنما لإحداث توازن فى هذه العلاقات. وفى الواقع.. فإن هناك نظرة مستقبلية لتوجه مصر نحو الشرق، أهمها زيادة قدراتها الدفاعية وتنوع ترسانتها العسكرية ومصادر التسليح فى مواجهة عدة تحديات، لا سيما مكافحة الإرهاب فى سيناء. لقد رسم الرئيس السيسي بحنكة شديدة سياسة مصر الخارجية، فتوجه شرقا من ناحية، وترك الباب مفتوحا مع الغرب من ناحية أخرى، بشرط أن يكون التعامل مع مصر كحليف إستراتيجى له تأثيره فى المنطقة. ولكن هل اصطدمت مصر بتوجهها نحو الشرق مع السياسات الغربية والخليجية الحليفة للولايات المتحدة؟. يرى محمد بن هويدن أستاذ السياسة بجامعة الإمارات، أنه من غير المستبعد أن تحدث بعض الخلافات بين مصر ودول الخليج، وتحديدا فى الملف السورى، مضيفا: أن هذا الاختلاف أمر صحى بين الدول الفاعلة فى النظام الاقليمى، حيث لا يمكن أن تتفق جميع الدول على أمر واحد، بل لابد أن يكون هناك اختلاف فى وجهات النظر تجاه بعض القضايا. أما أحمد الفلاح محلل سياسى فيقول: أن السبب الرئيسى لاتجاه مصر شرقا، وتقربها مع وجهات النظر الشرقية بشكل عام فى بعض الملفات، يأتي رغبة منها فى إيصال للطرف الغربى خاصة الولاياتالمتحدة أن مصر طرف أساسى فى المنطقة ويجب أن يؤخذ برأيها. ومن ناحية أخرى، يرى بعض المحللين أن تطابق وجهات النظر الروسية والمصرية تجاه الملفات الإقليمية، وخصوصا الوضع في غزة وسوريا وليبيا والعراق، فضلا عن إبرامها عدة اتفاقيات عسكرية مع روسيا، دفع الولاياتالمتحدة الى البدء فى تغيير استراتيجيتها، وأصبحت أكثر مرونة فى التعامل مع القاهرة.