خلال السنوات الأربع الأخيرة تضاعفت المسئولية الملقاة على عاتق المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى شرق المتوسط، فقد تحول إقليم شرق المتوسط من منطقة نامية إلى منطقة صراعات، وبدلا من أن تكون الجهود الدولية موجهة لدفع صناعة الدواء وأنظمته الصحية إلى الأمام، أصبح شغلها الشاغل هو منع تفشى الأوبئة بين الملايين من النازحين واللاجئين بالإقليم. فى حوار ل «الأهرام» يكشف الدكتور علاء الدين العلوان المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى شرق المتوسط، حقيقة المخاطر الصحية التى يواجهها الإقليم بسبب صراعاته. { تتولون إدارة عمل المنظمة فى إقليم يعج بالصراعات والحروب وانتشار اللاجئين فى ظروف إنسانية بالغة الصعوبة.. كيف تقيم درجة خطورة انتشار الأمراض المعدية وخاصة بين الأطفال فى الإقليم من جراء ذلك؟ {{ عندما تكون هناك أعداد كبيرة جدا من اللاجئين وأعداد تقدر بالملايين من النازحين فى ظروف صعبة للغاية، فإن خطورة انتشارالأمراض وبخاصة المعدية تكون كبيرة جدا. لذلك فالدور الذى تضطلع به منظمة الصحة العالمية مع الحكومات يتمثل فى تقوية أنظمة الرصد ومراقبة حدوث هذه الأمراض، وأيضا تنفيذ إجراءات الصحة العامة من حملات تطعيم والاهتمام بمتطلبات السلامة. والمنظمة تركز على هذه القضية من أجل عدم انتقال الأمراض وعدم وصولها إلى بلدان أخرى مجاورة. شاهدنا حالة انتشار فيروس شلل الأطفال من باكستان إلى عدد من الدول العربية من بينها سوريا وأيضا العراق العام الماضي. لكن استطعنا التخلص من هذا الفيروس بسبب أنظمة الرصد القوية التى تم إنشاؤها وتقويتها فى وزارات الصحة والمؤسسات الصحية الأخرى. وأيضا حملات التطعيم المكثفة، حتى استطعنا التخلص من هذا الفيروس نهائيا فى كل أنحاء الإقليم بالنسبة للدول العربية. فالخطورة تكون عالية جدا لو ترك الأمر دون تدخل ودون تقوية أنظمة الرصد وبخاصة فى الأماكن التى يوجد بها اللاجئون والنازحون. الإقليم الآن مبتلى بعدد كبير جدا من الأزمات، فأكثر من نصف دول الإقليم تمر بأزمات، وصار الإقليم الآن يحتوى على أكثر من نصف أعداد اللاجئين فى العالم كله. لكن الحمد لله بسبب إمكانيات منظمة الصحة العالمية ومنظمات الاممالمتحدة الأخرى مثل اليونيسيف، وكذلك التعاون مع السلطات الصحية بكل هذه البلدان المبتلى منها بالأزمات وأيضا المجاورة لها، استطعنا حتى الآن السيطرة وعدم حدوث أوبئة، رغم ما شهدته السنوات الخمس الماضية من أزمات كثيرة ونزوح ولجوء. { مارجريت تشان مديرة منظمة الصحة العالمية هاجمت شركات الدواء العالمية فى تصريح نادر من نوعه، وقالت إنهم لايهتمون بإنتاج عقاقير مضادة للأمراض الخطيرة التى تصيب الفقراء.. هل هناك خطوات يتخذها المجتمع الدولى إزاء هذه الشركات الرأسمالية لصالح المريض الفقير فى أى مكان من العالم؟ {{ الحصول على العلاج المنقذ للحياة والذى يؤدى إلى شفاء مرضى من أمراض خطيرة جدا مثل الأمراض المزمنة والسرطان، يشكل تحديا كبيرا فى الكثير من البلدان خاصة تلك المنخفضة والمتوسطة الدخل. فالتحدى يحتاج لإجراءات من قبل السلطات الصحية وإجراءات أيضا من الشركات المنتجة، لذلك تركز منظمة الصحة العالمية الآن على تعزيز القدرات الوطنية لتصنيع الدواء محليا كما يحدث الآن فى مصر ولدينا مثال مع مرض الالتهاب الكبدى «سى». فجهودنا الآن هى تقوية البرامج الوطنية للدواء وتقوية القدرات الوطنية للتصنيع الدوائى وخاصة فيما يتعلق بالأدوية الحساسة وأدوية الأمراض المزمنة. هناك عدد من شركات الدواء تتعاون مع بعض البلدان ونشهد الآن أمثلة . وهناك شركات أخرى لا تتعاون ولكن الأساس هو التعاون مع الدول لتقوية قدراتها الوطنية لإنتاج هذا الدواء. { صناعة الدواء فى مصر.. كيف ترى مستقبلها؟ {{ أعتقد أنه مستقبل زاهر. هناك معوقات ولكن مصر من الدول المنتجة للدواء فى هذا الإقليم. نعتمد على مصر، ليس فقط فى الاكتفاء الذاتى داخل مصر، ولكن أيضا فى توفير بعض الأدوية للدول الأخرى التى لا تصنع هذا الدواء، لذلك نحن فى أحوال كثيرة نعتمد على الدواء المصرى لتوفيره فى البلدان التى تعانى من أزمات شديدة لكى نعوض النقص الذى يحدث وبخاصة فى دواء الأمراض المزمنة. لدينا آمال كبيرة أن تزداد قدرة مصر لإنتاج الدواء لتشمل الدواء الحساس والتى تنطوى على تكنولوجيا متقدمة. نأمل أن نرى مصر فى تقدم مستمر إن شاء الله.