ارتبط تاريخ مصر الحديث بحفر قناة السويس منذ بداية المشروع عام 1859 م، حيث شكلت القناة الخريطة السياسية لمصر وأثرت بشكل محورى فى أهمية مصر السياسية والاستراتيجية ومازالت القناة تدفع بمصر لمزيد من التأثير فى طرق الملاحة العالمية ودنيا الاتصالات بين قارات العالم. وبعد التوسع الأخير فى مجرى القناة فيما عرف بقناة السويس الجديدة، ربما يجول بخاطرنا أن غاية المراد من رب العباد قد تحقق، واستطعنا انجاز الحلم الكبير وحققنا كل شئ، ولم يعد هناك ما نلتفت إليه، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، فالقناة الجديدة ليست إلا البداية للانطلاق نحو المزيد من المشروعات والانتصارات، فقد أثبتت القناة الجديدة أن عزيمة المصريين وقدرتهم على الإنجاز لما يقتنعون به بلا حدود، فلابد لنا أن نتأمل قدرة المصريين على تدبير التمويل لمشروع القناة بقيمة 64 مليار جنيه وهو مبلغ ليس بالقليل خاصة إذا علمنا أن المصريين دبروه فى أسبوع واحد فقط، وهذا يعلمنا درسا عميقا أنه إذا تحمس المصريون لفكرة أو مبدأ أو مشروع سيسهل توفير التمويل اللازم له وقد جاء هذا التمويل عن طريق الاكتتاب العام وهو ما يمكن أن نستثمره فى العمل على تيسير الاكتتاب للعديد من المشروعات القومية العملاقة التى تعد مشروعات مهمة تتطلع مصر لتنفيذها قريبا، مثل مشروع محطة الضبعة النووى أو مشروعات إنشاء محطات الكهرباء، أو تطهير مياه النيل، أو محو الأمية، أو إنشاء مصانع بعدد يقضى على مشكلة البطالة. أن تنفيذ المشروعات بطريقة الاكتتاب العام هو نظام اقتصادى مطبق بشكل جيد وكبير فى العديد من المناطق الاقتصادية الناجحة بالعالم، وإذا كان المصريون صادقين فى عزيمتهم للنهوض بمجتمعهم ، فليس أقل من الاستفادة من قدرتهم على الاكتتاب العام لتحقيق طموحاتهم الاقتصادية التى ستصنع الرخاء والأمل للأجيال القادمة وهذا فى حد ذاته يعتبر مكسبا حيويا ورائعا استفدناه من مشروع حفر القناة الجديدة. لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى