الحق أنه لو كتبت هذه الحكايات كقصص لما صدقها أحد. أحكيها إذن مثلما حدثت خاصةً أن جميع شهودها أكرر جميع شهودها أحياء. والكلام هنا عن أشهر شيوخ السلفية الوهابية على الإطلاق.. يعني مولانا. ومولانا هذا اكتملت لديه عدة الشغل من لحية وجلباب معطر بالمسك وصندل وسبحة وفلوس وميكروفون وشرائط كاسيت تغرق مواقف السيارات ببلاش قبل محاضرته. لاحظت أن مساعدتي في العمل صارت مرتبكة صامتة أغلب الوقت وكانت أشطر من كده.. إيه مالك؟ قالت إنهم بعد شهرين سيكونون في الشارع. بعد أن انتهى عقد شقتهم وأمهلهم المالك شهرين. لم أكن بريئًا بالطبع حين اقترحت عليها وهي الملتزمة دينيًّا أن تذهب إلى مولانا ذي الثلاث عمائر فكلها فاضية وهو رجل مسلم وداعية كبير سوف يرحب بتفريج كربة أسرة مسلمة فيها عدة بنات. وبرضه هيكسب. ذهبت الفتاة وعادت تحكي عن إصراره على بيع الأربعين شقة تمليك. وأبوها في الأول والآخر موظف. فاتت الأيام وحدث أن توفيت إحدى قريبات زوجتي. وبين مولانا وزوجتي قرابة قوية، فذهبت للعزاء. ولما كانت غير معروفة في قريتهم سألتها في المعزى إحدى المنتقبات التي عن يمينها.. إنتي بنت مين يا حبيبتي؟ أخبرتها المرأة السافرة وسألت بدورها.. وحضرتك مين؟ قالت المنتقبة.. أنا زوجة الشيخ فلان. وسألت اللي بعدها قالت.. زوجة الشيخ فلان، والثالثة شرحه وفلان هو مولانا سألت التي عن شمالها فأجابت طليقة الشيخ فلان، واللي بعدها ، طليقة الشيخ فلان.. وهكذا. بالمناسبة المعروف عن مولانا هذا أنه يسير في ركب من السيارات. واحدة له، وتقل الثانية زوجاته، وتقل الثالثة طليقاته. ذهابًا وإيابًا إلى ومن أحد قصوره المعروفة. لحد كده عادي فهذا حقه الشرعي. لكن الغريب هو حكايته التي جاءت في محاضرة له مسجلة بعنوان «فضل التقوى». وهو شريط كاسيت جاءتني به مساعدتي نفسها.. إذ يسأله أحد الشباب.. بماذا ينصح الإسلام مثلي يا مولانا. وقد جاوزت الأربعين بلا فرصة زواج ولا إمكانية لذلك.. قال مولانا بصوت متهلل فرحان.. حد طايل، فرصة وجت لك م السما لتقضي ما تبقى من عمرك في عبادة الله. إحمد ربنا ع الفرصة دي. كان الناس في هذه المدينة الصغيرة يخشون تناول مولانا بأي كلام خوفًا من احتمال أنهم بهذا يسيئون إلى الدين. لكن ثورتين كبيرتين جعلتاهم «هارشين الفولة». مثلًا، أن أموال هذا الشيخ لا تأتيه بسبب تدينه. فالإيمان ليس وظيفة تأتي هذا الشيخ الوهابي بالرزق الوفير وتمنعه عن ذاك، خاصة وأن هذا الملتي مليونير ينوي الترشح لانتخابات البرلمان القادمة. هم أيضًا يذكرون دعاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي يرفع من شأن الفقراء.. «اللهم أحيني مسكينًا بمعنى فقيرًا وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين».. بل إن أهم ما أسفرت عنه الثورات هو بيان الفرق بين إيمان يجعل الروح كبيرة. وإيمان البزنس الذي يجعل حساب البنك كبيرًا.