لا يوجد إنسان على وجه الأرض معصوم من الخطأ. فكلنا بشر حتى لو صوبنا تركيزنا كله نحو عدم ارتكاب الأخطاء لن ننجح، فنحن لسنا ملائكة بالتأكيد. ولكل خطأ نرتكبه رد فعل ينعكس علينا او على من حولنا، لذا وجب علينا التعامل مع ردود أفعال الأخطاء الصادرة منا بطريقة صحيحة، فمن نبع منه خطأ تسبب فى أذى شخص آخر لابد أن يقدم الاعتذار له بشتى الطرق. والاعتذار ثقافة غائبة عن اغلب أفراد مجتمعاتنا العربية، فالكثيرون يعتقدون انه سمة من سمات الانسان ذى الشخصية الضعيفة، ولكن هذا المفهوم خاطيء تماما وليس له أساس من الصحة، فالاعتذار ثقافة عالمية تدل على شخصية قوية حكيمة تقدر الآخر، وتعترف بأخطائها، وتتجنب الاضرار بمشاعر الآخرين. وفى ثقافتنا الشرقية يبدو الاعتذار معيبا لدى البعض، لانه يمثل حالة من الضعف والانكسار التى لا تليق بالرجل العربى ذى الأنفة والقوة والبطش ولذلك يقال فى كتب الأدب ان اعتذارية النابغة كانت فاتحة هذا الباب فى الشعر الذى لم يعرف هذا الغرض من قبل، وبالتالى لم يعرفه المجتمع ولم يتداوله بين افراده. ولنا أن نتخيل مستوى الاحترام بين المعلم والتلميذ فيما لو اعتذر المعلم لتلاميذه عن خطأ غير مقصود وارتقى بعلاقته معهم الى حيث تكون الثقة المتبادلة بينهما، وماذا لو اعتذر الاستاذ الجامعى لطلبته فى موقف او آخر؟ ورائع لو استطاع الأب او الأم ان يدرك كل منهما ان اعتذاره لابنائه لا يهز مكانته، بل يعمق جذور الحب والاحترام وماذا لو اعتذر امام المسجد لطفل أو مراهق؟ثقافة الاعتذار ممارسة ، نحتاج اليها كثيرا لأن تكون جزءا من تكوين علاقاتنا الاجتماعية بحيث نمارس الاعتذار بكل اريحية، ودون تردد او شعور بالخجل او اعتباره ممارسة ضعف. وكم كان جميلا وساميا عندما قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى اعتذارا علنيا للمصريين وإلى المحامين بشكل خاص لما بدر من بعض رجال الشرطة من اساءات فردية واهانات تشوه صورة الدولة فى عيون المواطنين، وفى وقت سابق ذهب وهو الرئيس الى المواطنة التى تعرضت لتحرش بربرى فى ميدان التحرير وقال لها وهو الرئيس : انا جايلك لأقول لك ان مثل هذا لن يتكرر وعلشان اقول لك ولكل ست مصرية (انا آسف!). وجميعنا يذكر ايضا ان المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء كان قد اعتذر لكل مواطن قبل نحو شهر عندما انقطع البث عن شاشات تليفزيون الدولة بانقطاع الكهرباء فى ماسبيرو! يومها اعتذر المهندس محلب على الشاشة نفسها حين عاد اليها البث. اما الدكتورة ليلى اسكندر وزيرة التطوير الحضرى والعشوائيات فقد تداركت الموقف بعد تصريحها فى 12 مايو الماضى بأن (الصعايدة سبب العشوائيات فى القاهرة) واكدت انها صعيدية الأصل ومن محافظة المنيا وان ما نشر على لسانها فى التصريح السابق غير دقيق!. وهذه الاعتذارات لا شك تقليد محمود من جانب مسئولينا فيما بعد ثورة 30 يونيو لاننا لم نكن نعرفه من قبل، ودرس بليغ لأى وزير او مسئول يرفض او لا يؤمن بثقافة الاعتذار التى يطبقها وزراء فى أوروبا وامريكا والعالم المتحضر منذ مئات السنين، فالوزير بحكم موقعه السياسى والتنفيذى مسئول مسئولية تضامنية امام الشعب عن اى خطأ مهنى اخلاقى جسيم يرتكبه أى موظف او عامل بأحد أجهزة او مؤسسات وزارته. كما انه المسئول الاول امام رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية عن اداء كل موظف لديه. اتمنى من مدارسنا ان تعلم ابناءنا وبناتنا ثقافة الاعتذار . لمزيد من مقالات عبدالمعطى احمد