وسط حالة من الحزن الشديد والبكاء المتواصل وحالات إغماءات متتالية، تجمع أهالى وأصدقاء ضحايا أحداث محيط استاد الدفاع الجوي، أمام مشرحة زينهم فى انتظار تشييع جثامين ذويهم، فيما تواجد آخرون للسؤال عن أولاد وأقارب لهم مفقودين، ولا يعلمون حتى الآن ما إذا كانوا أحياء أم أمواتا. ووقعت مشادات بين العاملين بالمشرحة وأهالى الضحايا الذين طالبوا بسرعة إنهاء الإجراءات ليمر الوقت أمام مشرحة زينهم ببطء شديد، بينما القلوب يعتصرها الألم. وكان العشرات من أهالى الضحايا قد حرصوا على التوجه إلى المشرحة منذ الساعات الأولى من الصباح لتسلم جثثهم وتشييعها إلى مثواها الأخير حيث خرج عدد منهم بينما تأخر وصول 11 جثة من الضحايا الذين كان من بينهم أطفال ما زالوا حديثى السن ولم يكونوا من حملة البطاقات الشخصية لتحديد هويتهم. وروى ناجون من الأحداث، بالدموع اللحظات العصيبة التى عاشوها، ومن بينهم من شفى من إصابته، وخرج من المستشفى ليتوجه إلى المشرحة لتشييع زملائه. وانتابت أعداد كبيرة من أعضاء رابطة الوايت نايتس الذين حضروا للمشاركة فى تشييع جثامين زملائهم، حالة من الصمت الشديد رافضين الحديث حزنا على وفاة زملائهم من ناحية. لكن هذا الصمت، لم يمنع بعضهم من إدانة إدارة نادى الزمالك والفريق، معربين عن أسفهم الشديد من موقفهم ولعبهم المباراة، رغم أن اللاعبين قد شاهدوا الأحداث أثناء دخولهم الاستاد، دون أن يعيروها أى اهتمام، باستثناد اللاعب عمر جابر، الذى نال تأييد جميع المتواجدين أمام المشرحة. وروى أحمد محمود أحد أعضاء «وايت نايتس»، اللحظات العصيبة التى عاشها، وقال إن الأحداث بدأت قبل المباراة عندما توافدت الجماهير على الاستاد، ليبدأ التزاحم الشديد. وأضاف أن الأمن وضع إجراءات مشددة من قبل الممر المؤدى إلى الاستاد، حيث كان يتم الدخول فردا فردا بعد تفتيش الملابس وحتى الشعر، مع وجود تفتيش آخر قبل دخول الباب مباشرة، ليتم المرور من خلال بابين صغيرين داخل قفص حديدى وهو أحد أسباب التكدس وتدافع الجماهير، مما أدى إلى انهيار هذا القفص الحديدي لتسود حالة من الهرج والمرج وخاصة مع اقتراب موعد المباراة لحرص الجميع على الدخول لتبدأ الاشتباكات بين الأمن الذى حرص على دقة التفتيش والجماهير التى كانت تريد الدخول. وتابع أن أعدادا كبيرة انحسرت داخل الممر الضيق المؤدى إلى الاستاد، ليؤدى التدافع الشديد، إلى سقوط أعداد كبيرة على الأرض تحت الأقدام، ومن كان لا يستطع الوقوف مرة أخري، كانت تدهسه أقدام الآلاف. وواصل: أنه ورغم ارتفاع الأسوار إلا أن العديدين وهو من بينهم قفزوا من أعلاها هربا من رائحة الغاز المسيل للدموع ومن التدافعات الشديدة، مما اضطرهم للسير لمسافات طويلة بمنطقة صحراوية. وقال محمد أشرف أحد أعضاء «وايت نايتس»، إنه أصيب برش خرطوش ونقل إلى المستشفى وخرج فى الصباح، فحضر تشييع صديقيه اللذين فقدهما أثناء عمليات التدافع بعد علمه وهو فى المستشفى بوفاتهما. وينهمر أشرف، فى وصلة من البكاء والتى سادت الجميع من الحاضرين أمام المشرحة. وقال شهود من المتواجدين أمام المشرحة، إن أكبر الضحايا لم يتعد عمره الثامنة والعشرين. وأدان جميع المتواجدين، تلك الأحداث وندد عدد كبير من أعضاء «الوايت نايتس»، بفريق الزمالك لاستمرار اللاعبين فى المباراة وموافقة إدارة النادى على استكمالها، بالرغم من تلك الأحداث، مشيرين إلى أن الامن تعامل معهم بعنف مفرط خلال الأحداث. واللافت للنظر حضور العديد من آباء وأمهات شهداء مجزرة بورسعيد، الذين قالو إن هذه الأحداث أعادت لأذهانهم ذكرى وفاة أبنائهم وإنهم شعروا بآلام شديدة. وجلس عم محمد البالغ من العمر 60 عاما فى حزن شديد أمام المشرحة، بعدما جال على المستشفيات والأقسام بحثا عن نجله على الذى خرج لحضور المباراة بالاستاد مع زملائه أمس ولم يعد من وقتها بينما اغلق هاتفه المحمول، لكنه لم يتلق ردا شافيا من إدارة المشرحة، مما أثار غضبه. وبينما كان أحد أقارب عم محمد، يحاول تهدئته، إلا أنه كانت تنتابه ما بين لحظة وأخرى حالة من الهياج، قائلا: إبنى كان سندى فى الحياة وكان يعشق نادى الزمالك ويحضر جميع المباريات والتدريبات. وأضاف: رغم إننى كنت أخاف عليه وأحذره دائما من تلك الأحداث، لكنه كان دائما يطمئنني.