فالإسلام يحترم الأديان السماوية الثلاثة، فبها يكتمل الإيمان، ويقبل التعدد ويدعو للتعايش في آيات كثيرة، منها: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (المائدة 48). "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 256). ويحض الإسلام على مناقشة أهل الكتاب بالحسنى حيث يقول المولى جل وعلى:"وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (العنكبوت 46). "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2). "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود 118) ومن جهة أخرى، فللمسيحية والمسيحيين مكانة خاصة في الإسلام فهو يبجل ذات المسيح ويؤمن بمعجزة ميلاده من روح الله وكلمته التي أنزلها لمريم. فالإسلام كرم الإنجيل وأسبغ على المسيحيين صفات نبيلة؛ فجاء في سوره المائدة 82..... "وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ". وفى سوره الحديد 27 " ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً". وفى سورة البقرة 62 "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". كما أن الإسلام فرق بين المسيحيين والمشركين وهي شهادة برفعه المسيحيين علي الكافرين. "إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (آل عمران55) كما أن كل منهم (الإسلام والمسيحية واليهودية) يدعو للسلام، فتحيه الإسلام السلام عليكم، ودعاء المسيحية السلام لكم، ودعوته طوبي لصانعي السلام. كما أن المسيح أطلق عليه رئيس السلام، والسلام من أسماء الله الحسني. ففي الكتاب المقدس وردت كلمتا السلام والمحبة أكثر من1000 مره. وصلاه القداس تنتهي بالدعوة للسلام للعالم وقادته وشعوبه من جميع الأجناس والأديان، ورسالة المسيح أحب لغيرك ما تحب لنفسك، وأحبوا أعداءكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. ومن أقواله من أراد أن يحي ويري أياماً صالحه يصنع الخير ويطلب السلام. من كل هذا يتضح بجلاء، إن الأديان الثلاثة رسالتها الرئيسية واحدة، فهى من الناحية التاريخية شجرة واحدة، وبيت واحد، وهى فى المضمون أصل واحد هو الإيمان بالله. ولكن إذا كان صحيحاً أن القيم الموجودة فى الأديان الثلاثة (اليهودية – المسيحية – الإسلام) تقوم بتشكيل الوعي بالتعايش؛ فإنه صحيح أيضاً أن تلك القيم لا تعمل وحدها، وإنما لابد لها من إرادة إنسانية، وفعل خلاق يضعها فى الممارسة والتطبيق. لمزيد من مقالات حازم محفوظ