الهجوم الشرس الذى تتعرض له ثورة 25 يناير بات عنيفاً بل ومتزيداً، بعد أن تدثر أصحابه بثوب الوطنية ورفعوا لواء كشف الحقائق، وتوضيح المعلومات، أو بمعنى أدق تسريبها. لاسيما وأن هناك روايات كثيرة بدأت فى الظهور عن شخصيات معروفة كان لها دور مؤثر بعد 25 يناير. تلك الروايات مازالت نهايتها مفتوحة، وفى توقيتات معينة يتم استكمال بعض فصولها، وروايات أخرى مدفونة، لأن أصحابها مؤثرون أو يملكون أدوات تمكنهم من دفنها وهم يستأسدون من أجل ذلك. وسط كل هذا أصبح الهجوم على يناير للتأكيد على أنها مؤامرة، اشتركت فيها أطراف خارجية بمساعدة شخوص من الداخل لزعزعة استقرار البلد وخلخلة نظام مبارك وإقصائه، حتى تعم الفوضى أرجاء مصر، متغافلين عمداً توضيح أن الملايين التى خرجت للميادين مطالبة برحيل مبارك وآلاف الشهداء والجرحى من خيرة شبابنا، خرجوا بدافعهم الوطنى الصادق والمخلص بعد ان ذاقوا كل انواع المر من نظام مبارك. ولأن ثورة يناير لم يكن لها قائد، فقد نجح فصيل فى اختطافها، وامتطاء جوادها وتوجيهه حيثما أراد. ووصل الإخوان لسدة الحكم، وأضاعوا فرصتهم بسبب الغباء السياسى النادر، وخرجت الجماهير المصرية عليهم، لتبدأ مرحلة التأسيس لنظام وطنى مخلص، أكد فى وثيقة تسلمه للسلطة أهمية البناء على ثورة يناير المجيدة فما الغرض من الهجوم على يناير؟ الخصه فى نقطتين، الأولى أن مبارك لم يكن جاسوساً، وأن نظامه وفر الأمن والأمان للناس، وأنه جدير بالتعاطف والتسامح لو لزم الأمر. النقطة الثانية، عودة رموز مبارك الذين كانوا يتحكمون فى أركان نظامه وأداروه كيفما شاءوا، وهم متنوعون فمنهم من يبغى الانتقام من كل من أساءوا إليه، وآخر يعمل لحماية مصالحه التى تأثرت بثورة يناير، ويأمل فى استرداد فوائد النظام المباركى مرة أخرى، وهكذا.. إذن نحن فى النهاية أمام صراع مصالح، ولا يجب أن ننسى أن هناك قوى تضررت من ثورة يناير، تبغى استعادة مكانتها ودورها فى ادارة شئون البلاد، من هنا تبدو نغمة المقارنة غير المباشرة بين نظام مبارك وحكم الإخوان تصب فى صالح الاول، فالأخير خائن وعميل، ومن ثم دفع مجتمعنا صاحب ال 40% من الأمية، وأكثر من ثلثه تحت خط الفقر وثلث آخر يقف عليه، بقبول عودة تلك الرموز، من خلال إعلام يملك أدوات الإبهار، يحركه رأس المال الخاص. وفى هذا السياق يكون من الطبيعى أن يدافع عن مصالحه التى أثرت عليها ثورة يناير. إننا على أبواب انتخابات برلمانية، وهى معركة حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء، سنشاهد فيها كل أنواع الموبقات السياسية، كما سنرى سكراً و دقيقاً إخوانياً، وأيضاً أموالاً لا حصر لها لشراء كل ما هو متاح حتى الذمم والنفوس إن اقتضى الأمر، وسيكون الاستحواذ على المواطن البسيط للسيطرة عليه هو الهدف المنشود. إنه صراع بين الماضى والمستقبل، بين الغروب والشروق، بين الحرية والمهانة .. فمن سينتصر؟ اذا أردنا الفوز فيه، على الدولة والشعب التكاتف والتلاحم من أجل المواجهة، فالدولة يجب أن تدعم إعلامها القومى بكل انواعه ووسائله لاستعادة عرشه ومكانته ليكون رائدا للتنوير والتثقيف وفق آلية مدروسة تمكنه من القيام بدوره المنشود أمام إعلام مقابل له رؤيته الخاصة وفى ذلك فليتنافس المتنافسون. كما يجب على الشعب أن يتمسك بأحلامه وطموحاته التى ثار من أجلها، وعلى نخبته وشرفائه ومثقفيه الوطنيين القيام بدورهم فى توعية الناس بالحقيقة، فالأيام القادمة ستزداد الحرب ضراوة على يناير، وسيخرج الكثيرون من مخبئهم شاهرين أسلحتهم للدفاع عن مصالحهم. وأخيراً من يملك حقائق وتفاصيل الأحداث التى صاحبت 25 يناير، ومن يعرف من باع نفسه ووطنه وضميره من أجل المال، ومن خان الوطن لحساب مصالحه أو لحساب مصالح جماعته ويسكت، إما أنه يناور أو يفاوض وينتظر الوقت المناسب لإظهار تلك المعلومات، وإذا كان الوقت لم يحن حتى الآن فلم التسريب المتعمد وما جدواه ؟! وسط هذه الضبابية فى الأقاويل، ومع تضارب المصالح يكون من المستحسن قطع الشك باليقين حتى لا يتذبذب الرأى العام ذهابا وإيابا بين هذا وذاك، حفاظاً على حقوق من ضحى بنفسه من أجل الوطن، ف «25 يناير» ثورة قام بها الشعب ليزيح ناهبى حقوقه من فوق صدره وقد نجح، فهل نحافظ عليها ونحميها؟ لمزيد من مقالات عماد رحيم