قالت : ماذا أفعل إذا كان الحاضر لايغرينى ولايحرك مشاعرى ولم أجد فيه غير الملل والقلق والمتاعب..اننى دائما اهرب إلى الماضى..رغم مئات الافلام الجديدة التى أشاهدها إلا اننى كثيرا ما اشعر بالغثيان ولا اجد لنفسى طريقا غير أن ابحث عن فيلم قديم استرد به انسانيتى واحساسى بالحياة. .اننى أرى على الأرصفة مئات الكتب الفاخرة فى طباعتها ولكننى لا اجد فيها غير سطور من هواء..هل صادفك يوما كتاب من فراغ حيث لا فكرة ولا كلمة ولا أسلوب..انه كائن مشوه بلا ملامح..وأجدنى أبحث عن كتاب قديم أجد فيه نفسى قصة قديمة..قصيدة شعر أو مسرحية أو اعترافات..أترك نفسى للقديم حيث لا أجدها فى هذا الركام..هل أنا مريضة أم أن الزمان هو المريض . قلت : فى أحيان كثيرة تمتد الحشائش وتخفى أشجار النخيل وتتصور الحشائش أنها صارت نخيلا..وفى أزمنة التراجع تحدث هذه الظواهر فى كل شئ فى مسيرة الأوطان وأخلاق الناس وقيم البشر وتتحول العمارات الشاهقة والقصور الضخمة إلى أكواخ كئيبة تسكنها الحشرات..أن الأرض يمكن أن تنبت نخلة وهى أيضا تنبت الحشائش اذا أهملناها..والكتاب يمكن ان يبنى عقلا.. مستنيرا متفتحا ويمكن أن يبنى خرابه والفيلم يمكن أن يكون نهرا من المشاعر الجميلة ويمكن أن يكون مستنقعا ملوثا..والأرض تنجب الزهور وفيها أيضا تسكن الديدان..وهذه الظواهر تنطبق على البشر والحياة..فى زمن ما كان الحب سلطانا على عرش القلوب وفى زمن آخر تحول إلى صفقة سريعة أو عملية نصب وتحايل..وفى زمن كان الغناء جميلا والأصوات مبدعة وفى زمن آخر أصبح الغناء غربانا تدور حولنا..ولا يعيب الإنسان أبداً أن يختار الزمن الذى يسكن فيه وجدانه..أن الحياة تحولت إلى آلة بشرية من اجل الحصول على المال أو المنصب أو السلطان ..والعاقل من عاش بجسده وسط هذه الأشياء وانتزع قلبه ووجدانه ليسكن زمانا آخر..هنا يحق له أن يسكن بقلبه فى صوت أم كلثوم أو أفلام ليلى مراد وفاتن حمامة أو اشعار نزار قبانى واغنيات عبدالحليم وعبدالوهاب وفيروز..من حق كل إنسان ان يختار زمانه. لمزيد من مقالات فاروق جويدة