"جعلوني عنصريا".. هذا ما قاله لي هاني عباس، تاجر بشرم الشيخ، بكل حزن وأسف نتيجة سلوكيات بعض المصريين الذين توافدوا على المدينة مؤخرا. كنت قد ذهبت لقضاء إجازة صيفية سريعة مع الأهل والأصدقاء في المدينة، وسعدت في البداية بتوافد المصريين بأعداد كبيرة، وقلت الحمد لله، المصريين أنعشوا السياحة، مع العلم، أن السائح المصري يدفع ضعف السائح الأجنبي، إن لم يكن أكثر! ولأنني أذهب لهذه المدينة كثيرا، فلي أصدقاء هناك، من ضمنهم هذا التاجر هاني، فذهبت للسلام عليه وللسؤال عن أحوال المدينة وأوضاع السياحة خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حاليا. قلت لهاني: "ما شاء الله أرى السياحة منتعشة والمصريين كثر". فقال لي بحزن: "المصريون جعلوني عنصريا.. يا مدام، وسلوكيات بعضهم مخجلة". فقلت: "كيف؟".. فقال لي: "انظري هذا السائح الروسي (كان موجودا داخل المحل أثناء وجودي) ماذا يقول لابنه، لا تلمس شيئا حتى لا يقع وينكسر.. أما المصري عندما يدخل بابنه فلا يبالي، وإذا أتلف ابنه بضاعة لا يعتذر، بل يقول "معلش" ولد صغير.. فهل هذا يصح؟".. وتابع هاني حديثه: المصريون أتلفوا كل شيء، اذهبي لمدينة "...... سيتي" السياحية الجديدة في شرم الشيخ وانظري على حالها (للأسف لم يسعفني الوقت لزيارتها).. أول ما أنشئت كان بها تماثيل غاية في التحفة والروعة، اقتلعها المصريين وشوهوا منظرها.. وأصبحت المدينة السياحية أقرب للعشوائية.. فهل هذا يصح؟" واسترسل هاني: "أما المعاكسات التي يقوم بها المصريين، فهي سلوكيات مشينة، ومحرجة أمام الأجانب، وإذا سكتت عنها أجنبية، ربما لن تسكت عنها الأخرى، وتقوم بإبلاغ الشرطة.. فهل هذا يصح؟.. كل ذلك جعلني أخجل من المصريين، لدرجة أشعر معها أنني عنصري، فلا أريد التعامل مع المصريين على الإطلاق لما يسببونه من حرج لجنسيتي.. حقا إنني اخجل من كثير منهم". كان هذا الحديث في بداية رحلتي، بمثابة الوجبة التي أفقدتني الشهية عن باقي متع الإجازة، وبدأت أنظر حولي وأرى بعيني ما لم تسمعه أذني. جلست يوما مع زوجي في شرفة الغرفة بالفندق التي بها حديقة، لنحتسي فنجانا من القهوة، والذي من المفروض أنه خمس نجوم، وإذا بنا نجد قشور اللب الأبيض تتساقط علينا، فقلت لزوجي: من فضلك أبلغهم أن يكفوا، فقال لي: التزمي الصمت.. وبعدها لم يستطع تقبل الأمر أكثر من ذلك فنادى على جارنا المصري الذي يسكن فوقنا سائلا إياه أن يقول لابنه أن يكف عن إلقاء قشر اللب علينا، (فشخط الرجل في ابنه وقال له ادخل جوه) فقال له زوجي: لما لا تدعه يجلس وتطلب منه ألا يلقي قشر اللب علينا.. فنظر الرجل لزوجي وكأنه لم يسمع أو يفهم شيئا. لماذا عندما نرى أفلام الأبيض والأسود قديما أيام الملك (وكنا تحت وطأة الاحتلال) ومطلع الستينات إبان الثورة، كنا نرى السلوكيات الراقية بين المواطنين المصريين حتى الفقير منهم. أما الآن، هناك قطاع عريض من المصريين الأغنياء، لكن مع الأسف يفتقروا السلوكيات الحسنة، أما أصحاب السلوكيات الراقية، فهم على وشك الاندثار. من قلبي: "أتمنى أن نقف وقفة مع أنفسنا، ونعامل الشارع المصري أو أي مكان في مصر على أنه منزلنا، نحافظ عليه ونرعاه حتى لا يتهدم، ولابد من البحث عن وسائل مختلفة من قبل الوزارات المعنية كالبيئة والعشوائيات لتحسين سلوك المصريين ولنبدأ بتدريس ذلك في المدارس المختلفة." [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن