أكتب إليك قصتى من منطلق أن هناك كثيرات يعانين ما أعانيه.. ربما يكن بمئات الآلاف وقد يصلن إلى الملايين.. أحيانا يتشابه العنوان فقط، وأحيانا أخرى يتشابه العنوان والتفاصيل، فأنا فتاة تجاوزت سن الثلاثين، أعمل فى وظيفة مرموقة اعشقها حتى النخاع، ولى اخوات تزوجن وانجبن، وتمنيت السعادة لهن من أعماق قلبي ولم أتدخل فى شئون أى منهن، وحرصت على ألا أجرح شعور إنسان بأى كلمة، ولم أتأثر بما يقوله البعض عن الفتاة التى تصل إلى سن كبيرة فى نظرهن دون زواج، ولم تدفعنى كلماتهن للزواج من أى شخص مقابل أن أنال لقب «متزوجة» ومن بعده لقب «أم» مع أنها كلمات مسمومة لاتخطئها الأذن. ويحدث ذلك حولى برغم أننى أعيش فى مكان متميز بالقاهرة، إذ لا فرق فى قصتى بين أرقى الأحياء، وأضيق الحارات، فالقاطنون هنا وهناك بشر.. صحيح أننا لم نتزوج، ولم نصبح أمهات، ولكننا راضيات قانعات، فالحياة أعمق وأكبر من اختصارها فى حفل زفاف «وسبوع مولود» أو فى المال والأولاد، وقد اعتبرها هؤلاء زينة الحياة الدنيا، وأنا أشبهها بالبدورم فى «الدنو»، فكيف أشغل نفسى بالبدروم وأنسى السكن الأصلي؟! إنها الحياة عند كثيرين، فهنيئا لهم بما وصلت إليه علومهم ومعارفهم، ولكن أن يصل الأمر إلى التكبر والتجبر والغرور والسخف والسخرية.. وان يصل الأمر إلى قذف المحصنات والظن بهن ظنونا سوداء، وإلى الهمز والغمز، فهذا ما لايليق ولايعقله أحد.. وأقول لجميع الفتيات فى سنى، ومن هن أكبر منى.. لاتلقين بالا لكلمات من حولكن، وسرن فى الطريق السليم بقوة وعزيمة لاتلين. وإلى الغافلين الذين يرمون المحصنات أقول: قولوا ماشئتم عن كل فتاة لم تتزوج، أو مطلقة أو أرملة، فسوف تواجهون ربكم حاملين أوزاركم، وأعلنها صراحة، بأننى وغيرى ممن يعانين آلامى لن نلقى بأيدينا إلى التهلكة من أجل إفتراءاتكم.. ولن تتزوج إلا بمن نحب ونرضى شركاء لنا فى الحياة ممن يتصفون بأنهم أسوياء بالمعنى الحقيقى لدينا لمفهوم «الاستواء»، ولن نتزوج إلا بمن يعيننا على طاعة ربنا، ولا تسيطر عليه دنيا فانية، والتى هى سيطرة «دونية المآل».. إن عاجلا أو آجلا.. لن نتزوج إلا أصحاب القلوب النقية والأنفس الذكية، ومهما نبلغ من عمر فلن نلقى بالا لكلمات وأفعال مسمومة. عفوا أيها السادة: إذا كان لدينا نقص مادي، فكم نشفق عليكم من النقص البشرى الذى يعتريكم، ولتظنوا بالبريئات ماتظنون! وأخيرا: عليكم بأن تصلحوا أنفسكم، فلقد اغتررتم بالحياة الدنيا، وتجبرتم وأطلقتم ظنوكم وخيالاتكم المريضة، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولكاتبة هذه الرسالة أقول: يالها من مرارة تنطق بها كلماتك الحزينة، إزاء «النظرة القاصرة» التى ينظرها البعض إلى من لم تتزوج، فإذا كانت الفتاة ترفض من يتقدمون إليها لإحساسها وأحيانا يقينها بأن هذه الزيجة محكوم عليها بالفشل، فهذا حقها، بل ونطالبها بالتمسك به، حتى لا يكون مصيرها الطلاق لإنعدام التوافق وعدم وجود الارتياح.. ولايعنى أبدا أن تصل الفتاة إلى سن كبيرة من وجهة نظر البعض أن بها عيبا ما، ولكن يعنى بكل تأكيد إنها لم تصادف بعد الرجل الذى يستحقها، والذى ستواصل معه مشوار الحياة إلى النهاية.. والحقيقة التى تغيب عن الكثيرين هى أن عدم الزواج يكون فى احيان كثيرة أفضل من الزواج الفاشل الذى يخلف وراءه تبعات كثيرة، قد تؤدى بالمطلقة إلى المرض واليأس. فكونى واثقة دائما فى أن الله يرشد الإنسان دائما إلى ما فيه الخير، ومادمت تتمسكين بالاخلاق الحميدة والمعاملة الحسنة، وتحبين للآخريات ماتحبينه لنفسك فإنك قد وصلت إلى درجة الإيمان الكامل وسوف يهيئ الله لك من أمرك رشدا، إنه على كل شىء قدير.