منذ أن قامت ثورة الثلاثين من يونيو وهناك تساؤلات عديدة حول الموقف الألمانى المنحاز بل المعادى لتطورات الأحداث فى مصر، وهو ما أرجعه المراقبون إلى تنامى وانتشار نشاط الإخوان فى آلمانيا، حيث تشير الدراسات إلى أن هذا النشاط ليس جديدا بل يعود إلى أواسط القرن الماضي، وتشير كتابات الإخوان إلى أن بداية العلاقة تعود إلى معارضة وتصدى الإخوان لنشاط المدارس الألمانية فى مصر بدعوى أنها تمارس نشاطا تبشيريا. وعندما تولى هتلر الحكم وبدأت الحرب العالمية الثانية وقوبل تقدم هتلر بترحاب شديد من المصريين نكاية فى الاحتلال البريطانى، اتخذ حسن البنا موقفا معارضا لهذا الترحيب الشعبى بدعوى أن المانيا دولة ذات ميول استعمارية مثلها مثل الدول الاستعمارية الاخرى ولا تختلف عن بريطانيا فى شيء، وطبقا لما تذكره المواقع الإخوانية فقد حاول أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة اقناع حسن البنا بالتعاون فى عمل عسكرى لمساعدة الألمان غير أن البنا رفض، وقد ظلت العلاقة على هذا المنوال حتى انتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة الألمان. ولكن مع قيام ثورة يوليو والخلاف الحاد الذى حدث مع الزعيم جمال عبد الناصر عقب حادث المنشية، غادر الكثيرمن قيادات الإخوان مصر وانتشروا فى العديد من الدول العربية والأوروبية ومن بينها ألمانيا التى حظى فيها الوجود الإخوانى بقبول واسع ونفوذ كبير، حتى أن العديد من التنظيمات الإسلامية الموجودة فى الدول الاوروبية أصبحت تقتدى بالنموذج الإخوانى فى ألمانيا. وقد اعتبر المحللون أن فترة الخمسينيات والستينيات تعد الفترة الذهبية التى شهدت هجرة الآلاف من الطلاب والعناصر الإخوانية من مصر ودول عربية أخرى بهدف ظاهر هو الدراسة وإن كان السبب الحقيقى الفرار من الاعتقال أو المحاكمة، كما اعتبر هؤلاء أن قرار حكومة بون بقبول هؤلاء فى تلك الفترة لم يكن نابعا من اعتبارات إنسانية ولكنه كان راجعا كما يشير الباحثون إلى أن حكومة ألمانياالغربية قررت فى ذلك الوقت قطع علاقاتها الدبلوماسية بالدول التى اعترفت بألمانياالشرقية، وعندما أقامت مصر وسوريا علاقات دبلوماسية مع الحكومة الشيوعية آنذاك، اتخذت حكومة بون قرارها باستضافة أعضاء تنظيم الإخوان ممن لجأوا لألمانيا. وان كان هناك من يرى أن العديد من أعضاء تنظيم الإخوان كانوا على معرفة سابقة بألمانيا، حيث تعاون البعض منهم مع النازيين خلال فترة الحرب العالمية الثانية. وأيا كان السبب وراء هذا القبول الألمانى لوجود الجماعة، فالثابت أن سعيد رمضان سكرتير البنا الشخصى وزوج ابنته هو أحد الرواد الأوائل للإخوان المسلمين فى ألمانيا، وقد رحل رمضان الذى قاد متطوعى الاخوان فى فلسطين عام 1948 الى جنيف عام 1958 ودرس الحقوق فيها ثم توجه بعد ذلك لألمانيا، وأسس واحدة من أهم المؤسسات الإسلامية هناك وترأسها لمدة عشر سنوات، كما أسهم فى تأسيس رابطة مسلمى العالم. ويعد رمضان وغالب حمت السورى الجنسية الذى خلفه فى رئاسة جمعية المسلمين فى ألمانيا من أكثر أعضاء تنظيم الإخوان نفوذا، بل إن العديد من تقارير المخابرات فى عدد من المقاطعات الالمانية تطلق على الجمعية الاسلامية فى ألمانيا فرع الإخوان المسلمين، باعتبار أنهم سيطروا على الجمعية منذ نشأتها الاولي. ويعد المركز الإسلامى فى ألمانيا أحد أهم الأعضاء فى الجمعية الإسلامية ويمثل الفرع الرئيسى للإخوان، حيث تعد الجمعية نموذجا للانتشار والتنامى فى أوروبا وقد استطاعت الجمعية أن تتعاون مع عدد كبير من التنظيمات الاسلامية فى المانيا، واندرج تحت مظلتها مراكز إسلامية من ثلاثين مدينة ألمانية، وتكمن قوة الجمعية الحقيقية فى تنسيقها وإشرافها على عدد من المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية فى ألمانيا. وتشير دراسة لدورية «ميدل ايست» إلى أنه بينما اتخذ الفرع المصرى للإخوان من مدينة ميونخ قاعدة له، اتخذ الفرع السورى قاعدته فى مدينة آخن قرب الحدود مع هولندا، وقد مال الجانبان المصرى والسورى إلى توثيق العلاقات بينهما عن طريق المصاهرة، ثم خطوا خطوة أوسع نحو مزيد من التوحد عندما قررت تسع عشرة منظمة بما فيها الجمعية الإسلامية والمركز الإسلامى فى ميونخ والمركز الإسلامى فى آخن إنشاء منظمة شاملة جامعة هى المجلس الإسلامي، حيث صنفت مصادر مخابراتية تسع منظمات من أعضاء المجلس ال 19 بأنها منظمات تابعة للإخوان المسلمين. ورغم الخطاب المعتدل الذى تسعى هذه المنظمات لترويجه فى خطابها مع مجتمعاتها الاوروبية وتصوير نفسها بأنها تهدف فقط للدفاع عن حقوق المسلمين وتسهيل اندماجهم فى مجتمعاتهم الجديدة، فقد بدأت هذه المجتمعات تنتبه فى الآونة الأخيرة إلى أن هذه المنظمات تتبنى خطابا مزدوجا، حيث تتبدى أفكارها المتطرفة فى مخاطبة جمهورها الخاص، الأمر الذى أثار تساؤلات حول سكوت المسئولين عن هذا الانتشار، وهو ما فسره بعض المحللين بأن الأوربيون عموما والالمان بشكل خاص يخشون من الاتهام بالعنصرية، ومن ثم فأى نقد يوجه للمنظمات المرتبطة بتنظيم الاخوان يستتبعه احتجاجات عنيفة على العنصرية والتحامل على المسلمين.