كثير من المعوّقين يخجلون وينطوون على أنفسهم بسبب الإعاقة التى منحها الله لهم، ولكننى أحب ويجب أن أقول لهم ولنفسى معهم: لا تخجلوا من عطية الله المحب لكم، فهذه الإعاقة - إذا فكرتم بإيمان بالله حقيقى وعميق. وبعقل متفتح ومستنير؛ وبقلب ملىء بكل المشاعر الإنسانية الحقيقية- إنما هى هدية ثمينة ونعمة كبيرة لنا من الله تعالى، وقبل أن يضحك بعضكم أو يسخر منى آخرون، تعالوا نحسبها ونعقلها معا: إن الإنسان بإمكاناته الجسدية المحدودة (معوّق) بطبيعته - بفتح الشدّة على الواو- لأنه ومهما كانت إمكاناته الجسمية لا يستطيع القيام بأعمال كثيرة جدا، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: الطيران فى الفضاء بغير أدوات تساعده على ذلك.. وإذا كان بعض لاعبى السيرك من أصحاب القدرات الخاصة، وبعد تدريبات شاقة ولسنوات طويلة جدا، قد يستطيعون عمل بعض الحركات، أو تقديم بعض الاستعراضات المبهرة، فكل لاعبى السيرك لا يستطيعون تقديم نفس الاستعراض .. وهم ليسوا معوّقين بالطبع، ولكن القدرات المختلفة والمتنوعة التى يوزعها الله على بعض الناس دون بعضهم الآخر، وذلك لكى يحتاج الناس إلى بعضهم البعض فيتحابون ويتعاونون حتى تستمر الحياة وتسير للأفضل.. لكن الله منح الناس جميعا أفكارا ومشاعر وخيالا رائعا، فالإنسان يستطيع بفكره وخياله أن يفعل المعجزات، فيستطيع وهو جالس فى مكانه أن يلف الدنيا كلها، وأن يصعد إلى القمر ويتجول بين النجوم بخياله، وبقراءاته المفيدة، ثم والأهم من كل ذلك بأهله وأحبائه وأصدقائه الذين يلتقون به ويلتفون من حوله، فيحتضنونه بقلوبهم ويقوونه بمحبتهم وتشجيعهم له، فتكبر ثقته بنفسه من خلال ثقتهم به وحبهم له، وتتضاعف آماله فى الغد الأفضل بزيادة إحساسه بأنه ليس وحيدا طالما آمن وأحس بأن الله معه، إن الحب الجميل - وليس الشفقة الأسيفة - هو الذى يجعلنا نحن المعاقين نستخدم القدرات المضاعفة التى عوضنا بها الله عن عضونا المفقود أو حاستنا التى خسرناها، لنعمل ونصنع أشياء قد لا يقدر الكثيرون من غير المعاقين على عملها، وما دمنا نؤمن أن الله هو الذى خلقنا، وأعطى لكل منا جسدا مختلفا ومتميزا عن أجساد الآخرين.. فأرجو ألا نخجل من الإعاقة التى وهبها لنا الله.