التسوق1 بدت مفتونة وهي تري الناس يسرعون ويتداخلون, والعربات تزحم الشارع وترعب القلوب. وقفت علي الرصيف تتحين الفرصة للعبور. بالقرب منها كانت صاحبتها هي الأخري تنتظر, لمحتها فهرعت إليها. قبضت علي ذراعها وعبرتا.. جري الحديث مقتضبا.. قالت: لم أرك من فترة ؟. ردت صاحبتها. النزول أصبح عبئا شدتها من يدها حتي كادت تتعثر في حركتها نزلت للتسوق مالت إلي بناية جانبية ودخلت, فدخلت معها.. طافت بالأركان الممتلئة وخطفت عينها ركن الحلوي.. اشترت علبة من الشيكولاته الداكنة.. وخرجتا.. مرت علي سوبر ماركت, صغير كانت تتردد عليه. توقفت أمامه, وراحت تحدق في مدخله, ورغبت في الدخول. ذكرتها صاحبتها أنهما كانتا في محل كبير وشهير, وبه كل شيء تحتاجه. قالت لها وهي تغمز بعينيها وتبتسم: بضاعته جيدة اشترت زبادي منزوع الدسم, وحلاوة طحينية, وزيت زيتون, وشيبسي بالملح.. حين واجهت الشارع بامتداده, جابهها الزحام فقبضت علي ذراعها. راحت تدب ويدها تمسك بالأغراض.. ثم توقفت أمام دكان صغير, بجوار بابه ثلاجة كبيرة ممتلئة بزجاجات المياه الغازية وعبوات العصائر. فتحت الباب, وتناولتا زجاجتي بيريل.. تفحصت الورقة الملصقة علي الزجاجة, وعلامتها التجارية, وتاريخ الصلاحية. تساءلت صاحبتها في استنكار: بتشربي بيرة! نغزت بأنفها لامبالية: بتريح الكلي. حين انتهت وضعت الزجاجة في الصندوق.. وحين انتهت صاحبتها ناولتها للرجل.. .. رفعت يدها, وأومأت برأسها وقالت: الفرن قريب جذبتها, ومرقتا.. توقفت أمام الفطائر, والبيتزا, والخبز الأسمر, والبقسماط بحبة البركة.. راحت تتقافز وهي تشير إلي البائع.. هذا.. وهذا.. كظمت الأخري غيظها وشدتها بعنف كي توقف جموحها.. فمتي تأكل ما تشتري وهي الوحيدة! .. حين وصلتا إلي نهاية الشارع, رأته يقبل نحوها. وفي يده أكياس ممتلئة.. مثلها تماما.. .. حين تواجها ابتسما, سألته عن أولاده.. قال لها إنهم في بيوتهم.. وابتسم مودعا.. لكزت صاحبتها بكوعها وقالت: كلما تسوقت أجده أمامي ويحمل أكياسا كثيرة.. مثلي.. .. وبدت سعيدة.. وفرشت وجهها بسمة حانية. .. جواهرجي2 .. لم يغيب عن ذاكرتي كان طويلا, ونحيفا, شعره مجعد وأشيب.. ونظارته لا تفارق جبهته. يستخدمها حين يدقق في الميزان, و(يشيل ويحط) فصوص الذهب. .. كنت وأسرتي نتعامل معه.. من محله اشتريت شبكتي وخواتمي وسلاسلي.. ذهبي كان يقدمه لي كأنه يهديه.. لكلامه وقع علي السمع, تشربه العين, ويستريح القلب. ينظر كمن يندهش هذا الخاتم يليق بك وأراه مثل فتي رومانسي يهيم في وجه حبيبته. وهذا السوار يأكل معصمك.. ويتحدث في عذوبة مرهفة عن العقد الذي يناسب الجيد الطويل المنحوت, والفراشة التي تطير وتحط علي خصلة الشعر تزين بجناحيها عيون المحبين. وكنت أضحك في( عبي) وتفضحني عيوني.. وكان نقادة.. .. حين ولجت بابه, نهض متهللا وحياني في بشاشة أين أنت؟ تفحصني:, ودعا الله أن يحفظني وأن يكون جمالي نعمة وبركة.. سألني عن الوالد, والزوج, والبنت, والأيام.. .. تنهدت وبدت ساهمة قال وأصابعه تلامس( ميزان الذهب) وعيناه تقتحماني أعرف رمقني في حنو كعادته.. اصبري استدار, وأومأ برأسه.. فخرج الصبي والدك بعيد عنك, وزوجك مشغول بعمله ليل نهار.. وقد لا ترينه حاولت التخلص من عينيه.. عجزت وظللت مشدودة إليه وكأنه يصب في سمعي صلواته.. راح يردد.. الناس إن ضعفت ذئاب وإن تنمرت كلاب.. ضحكت وجلا.. ثم صمت وأنت الجميلة ظلت عيناه تراوغانني.. حماك الله منهم.. ومنك أقلقني.. كدت أحادثه لكنه بادرني اجعلي بينك وبينهم حاجزا كالجدار بدا لي أنني أبتسم وأشعر بفرحة ترعشني تخاف علي ثم ضحكت وأنا أغمز له تريد سجني رنا في تأمل كأنه ينهي موعظته افتحي كوات صغيرة.. يدخل منها النور .. النور فقط يا بنتي! .. ومددت يدي أودعه.. مد يده وقبض علي أطراف أصابعي لم تفتني رعشة تتواصل علي رموش عينيه.. وترتجف في راحته طبيب3 . لم تعد تريحها صحتها.. العين, والأسنان, والبطن والعظام.. تتحايل علي الألم, لكنها لم تعد تطيق ما يحدث في البطن.. .. ذهبت إلي الطبيب.. قابلتها الممرضة.. مكتنزة ومتصابية.. العيادة نظيفة, والمرضي يتناثرون علي المقاعد.. .. انتقت مقعدا متطرفا وجلست طافت عيناها بالوجوه المعتلة, والتقطت مجلة نسائية.. توقفت أمام الجميلات, النحيلات, ورتبت علي بطنها الممتلئة.. تحسدهن علي إرادتهن.. وتتعاطف مع حرمانهن من متع الأكل والشراب صادت عينها القلادات اللامعة.. وفصوص الماس والفيروز تضوي بالجمال.. .. دارت بعينها وهبطت علي معصمها الأملس, وعنقها الناعم... افتقدت لسعة الذهب.. كلما اكتنز اللحم وربا.. خطفت صور النجوم والنجمات, وزمت شفتيها ونحت المجلة.. .. نبهتها الممرضة فنهضت متثاقلة.. ودخلت.. كان الطبيب كبير السن, ممتلئا.. وجهه سمين, وعيناه منطفئتان.. تتدلي السماعة فوق بطنه.. وتتأرجح.. اقترب منها, وسألها.. وقالت, وظل يردد في رتابة.. لا تقلقي تمددت علي طاولة الكشف.. واقترب.. مبتسما لاحظت تورما في الخد كلما ابتسم.. ودت لو تضحك لكنها وأدت رغبتها.. ضغط علي البطن. نقر بإصبعه علي الصدر.. قطب حاجبيه ومال بأذنه.. وقال لا أسمع له صوتا .. رنت.. وتساءلت من؟ خطفهما في سرعة كدرتها القلب! زفرت في تنهدة لاسعة.. وهو يكتب لها عددا من الأدوية.. رنا إليها.. كانت تصلح من هندامها.. وتشد جيبتها, وتفرد كمها.. سنحتاج إلي زيارات أخري .. شعرت بفرح داخلي.. تمنت لو يقولها.. وقالها.. بسطت كفها ثم قبضت علي فرحتها.. خالسته.. ودستها في صدرها.. وخرجت