الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك, مقولة شهيرة تتداولها الألسنة دون معرفة القيمة الحقيقية للوقت خاصة في دول العالم الثالث أما الأمم المتحضرة فهي تحترم وقتها وتحرص علي الاستفادة من كل دقيقة في عمل مثمر وكدح دؤوب لتحقيق انجازات ملموسة وحقيقية. لذا إن أردنا معرفة تقدم ورقي أي أمه فعلينا النظر لكيفية تعاملها واحترامها لقيمة الوقت ولو زرت أي من المجتمعات التي سبقتنا تحضرا لوجدنا أبناءها لا يضيعون دقيقة واحدة, فلا تجد أيا من تلك الدول تضيع من وقتها قرابة العشرين يوم دون عمل!! لاشك أن عمر الانسان يقاس بانجازاته وأعماله التي حققها فالإنسان الناضج يعرف اهمية الوقت ويحترم حياته ويعمل جاهدا علي توظيفها والاستفادة منها لتحقيق انجاز حقيقي يجعله لا ينظر خلفه متحسرا علي سنوات أهدرها بلا انجاز, إن تلك السطور هي دعوة لمراجعة النفس وتحقيق وقفة مع الذات لاغتنام فرص متاحة قبل أن تصبح من الفرص المهدرة في الحياة. ولعل من النصائح الهامة ما قالته الدكتورة سهير الجيار أستاذة أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس حول أهمية تربية أولادنا علي احترام الوقت, وللوقت مجموعة من القيم لابد وأن نبثها في أبنائنا أهمها علي الإطلاق أن الوقت قيمة ثمينة جدا, فهو أغلي الأشياء سواء كانت المادية أو المعنوية, وعلينا أن نعلمهم أنهم إذا فقدوا وقتهم, فتلك خسارة كبيرة لا تعوض, فالوقت الذي مضي لا يعود ثانية, والوقت الذي يليه له أعمال ومسئوليات أخري, ويجب أن يعتاد الطفل الحزن الشديد علي ضياع الوقت, ويتيقن أن المفقود غال, وكما قال الحسن البصري' ما من يوم ينشق فجره إلا ينادي مناد: أنا يوم جديد وعلي عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلي يوم القيامة'. فالواجبات أكثر من الأوقات, ولذلك فالموازنة مطلوبة لإنجاز أكبر قدر من الواجبات في الوقت المتاح مع الحفاظ علي الحيوية والنشاط فقاتل الوقت هو الكسل مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة العمل الحقيقية فيما استغرقه من وقت, وليس في إنجازه فقط. والحرص علي تحقيق المعادلة أو الموازنة بين السرعة في العمل وإتقانه والربط بين هذين المفهومين برباط قوي. وأن ندرك أن لكل عمل وقت يؤدي فيه, كما أن لكل وقت عمل, فليس هناك فسحة من الوقت يفعل الإنسان فيها ما يشاء, وكما قال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه; إن لله أعمالا بالليل لا يقبلها بالنهار, وأعمالا بالنهار لا يقبلها بالليل. وقد أكدت الدكتورة سهير أن هناك عدة وسائل يمكن من خلالها غرس هذه القيم في أطفالنا ومنها القدوة وهي في حياة الطفل تنحصر في: الأم والأب والمعلم, وهناك آخرون مثل الأخوة الكبار أو الجد والجدة لكنهم ليسوا علي ذات درجة سابقيهم, وإن كانوا يدخلون ضمن العوامل الرئيسية المؤثرة في الطفل, وخاصة في التربية الزمانية, فعلي كل من يري نفسه في موضع القدوة أن يأخذ حذره في تصرفاته العادية أمام الطفل, فلا أحاديث طويلة في الهاتف, ولا زيارات طويلة, وغيرها من التصرفات. وليس معني ذلك أن نحرم أطفالنا من متعة اللعب واعتبارها مضيعة للوقت ولكن لابد من تحقيق موازنة عادلة بين اللعب واحترام الوقت وفي ذلك تقول الدكتورة سهير اللعب مهنة الطفل, ومخرج ومتنفس وطريق يكشف مشكلات الطفل, ووسيلة لفهمه, فلا نظن أنه مضيعة للوقت, بل يمكن استغلال وقت اللعب في التربية العقلية والكلامية, وغرس القيم الأخلاقية وتكوين الصدقات والعادات الاجتماعية. هل حقا نستطيع أن نعمل علي تقديم القدوة لأطفالنا وأن نعد جيل يحترم الوقت, لنكون في القريب في مصاف تلك الدول المتقدمة التي تربط الوقت بالانجاز. متي نري مصر خلية نحل؟!