ليس منطقيا إصدار قانون التظاهر قبل الاستفتاء علي تعديل الدستور حتي إذا كان هذا القانون جيدا ومحققا للتوازن بين الأمن والانسجام مع المعايير الدولية. فهذا القانون هو أحد القوانين المكملة للدستور. ولذلك فهو يرتبط بما سيتضمنه هذا الدستور حتي لا يتعارض معه. ويبدو أن من وضعوا الصيغة التي وافق عليها مجلس الوزراء أغفلوا هذا الارتباط, مما أدي إلي تعارض ثلاث مواد فيه مع دستور 2012 قبل تعديله. وإذا افترضنا أن التعديل سيحسن النص الخاص بحق التظاهر في هذا الدستور ويجعله أكثر تعبيرا عن الحرية, فقد يزداد عدد المواد التي تنطوي علي شبهة عدم دستوريته. غير أنه حتي إذا بقي النص علي حاله, فهناك ثلاث مواد تطولها هذه الشبهة. أولاها, وربما أهمها, المادة العاشرة التي تلغي فعليا ما ينص عليه الدستور بشأن تنظيم المظاهرات بالإخطار, لأنها تمنح وزير الداخلية أو مدير الأمن صلاحية الغاء المظاهرة أو إرجائها. وهذا يعني ضمنيا ضرورة الحصول علي تصريح مسبق بتنظيم المظاهرة بالتعارض مع مبدأ الإخطار المنصوص عليه في الدستور. ولتلافي عدم الدستورية هنا, ينبغي العودة إلي الصيغة التي وردت في مشروع وزارة العدل قبل تغييرها, وهي أن يكون لوزير الداخلية التقدم إلي قاضي الأمور الوقتية (محكمة الأمور المستعجلة) بطلب لإلغاء المظاهرة أو ارجائها أو نقلها لمكان آخر. فهذه الصيغة لا تتعارض مع مبدأ الإخطار لأنها تنطوي علي تنظيمه بدون مصادرته. وهناك أيضا المادة التاسعة التي تحظر علي المتظاهرين الاعتصام أو المبيت بشكل مطلق, وليس فقط في حالة قطع الطريق أو تعطيل حركة المرور ومصالح المواطنين. فحظر الاعتصام ينطوي علي مخالفة دستورية, لأنه يمثل مصادرة لحق أساس ينبغي تنظيمه وليس منعه. وهناك أيضا المادة الخامسة عشرة التي تلزم كل محافظ بتحديد الحد الأقصي لأعداد المتظاهرين المسموح لهم بالتجمع داخل حدود منطقة التظاهر الحر التي ستنشأ داخل كل محافظة, لأن هذا التحديد ينال من حرية التظاهر والتعبير عن الرأي. وهي من المواد, التي نص الدستور علي عدم جواز مصادرة أصلها عند قيام المشرع بتنظيمها. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد