هب أن الشقة التي تقيم فيها سيادتك تقابلها شقة تقيم فيها أسرة مسيحية, وأنت مسلم وتصلي, والسيدة زوجتك محجبة, بينما المدام زوجة جارك المسيحي ليست محجبة, وأولادك يذهبون إلي المسجد كل جمعة لأداء الصلاة, وأولاد جارك يذهبون للكنيسة كل أحد, فكيف تنظر بداخلك لهذا الجار؟ كن صريحا, ولا تكذب أو تتجمل! هل فكرت يوما في إيذائه, أو إهانة أهل بيته, لمجرد أنه مختلف عنك في الدين؟ هل يوسوس لك شيطانك أحيانا بأنك أنت المسلم أفضل منه لأنه مسيحي؟ هل قلت لنفسك في لحظة ضعف إنه مواطن من الدرجة الثانية بينما أنا( لأنني مسلم) مواطن درجة أولي؟ ألا يهنئك في العيد الصغير والعيد الكبير, ويهمس لك كل سنة وأنت طيب؟ ألم تهنئه أنت في عيد القيامة المجيد وتهمس له: كل سنة وأنت طيب؟ .. طيب, هل يأكل هو لوزا وجوزا وفستقا بينما تأكل أنت الطعمية, أم أن الطعمية هي قاسم مشترك بينكما؟ وهل أولاده يلعبون الهوكي والجولف والبيسبول بينما أولادك أنت يلعبون كرة القدم. أم أن جميع الأولاد مسلمين ومسيحيين يلعبون الكرة معا؟ هل يركب هو المرسيدس وأنت تنحشر كل يوم في الميكروباص أم تنحشران معا؟ هل يرطن هو باللغة الفرنسية وأنت تبرطم باللغة العربية المصرية أم تتحدثان لغة واحدة كلاكما؟ هل.. وهل... ومليون هل, وإليك المزيد: هل حقا يكره عموم المسلمين في البلد عموم المسيحيين به, أم أن هذا الشعور مفتعل, ولا يوجد إلا لدي أقلية غشيمة متطرفة( مخها صغير) من الجانبين؟ هل تصورت سيادتك مصر بدون مسيحيين؟ وهل ستكون مصر آنئذ هي مصر التي عرفناها وعرفها العالم من مئات السنين؟ ما مشكلتك بالضبط مع جارك المسيحي؟ هل هناك فعلا مشكلة؟ هل أهانك؟ هل سرقك؟ هل اعتدي علي أهل بيتك؟ هل احتقر دينك في يوم من الأيام؟ أرجوك فكر بحياد كي لا تظلم نفسك أو تظلمه! أين الحقيقة فيما نراه الآن ونسمعه عن الفتنة الطائفية؟ يمكننا الحديث عن أربع حقائق, في حدود المساحة المتاحة لنا في تلك الزاوية. أولا: إن مشعلي الحريق الطائفي يستهدفون حرق الطرفين معا, المسلمين قبل المسيحيين. إن لهم هدفا محددا, وهو تقسيم مصر, حتي تنهار, فلا تمثل خطرا عليهم, لا الآن ولا في المستقبل القريب, ومن هم يا تري؟ يا أخي... ألست لبيبا, وكل لبيب بالإشارة يفهم؟ استفت قلبك! وثانيا: أن كلا الطرفين, المسيحيين والمسلمين, ليس لهم وطن إلا هذا الوطن, وإياك أن يصور لك إبليس الرجيم أن المسيحيين سيجدون لهم مكانا آخر غير هذا البلد, لن يحدث ذلك أبدا, وإلا لكان قد حدث في العصور السالفة, عندما لم يكن هناك ما يسمي بالحرية أو المواطنة أو حقوق الإنسان( والذي منه!) لا وطنا آخر للمسيحيين إلا هذا الوطن, هذا وطنهم كما انه وطنك, لهم فيه مثلما لك بالضبط, فاصفع شيطانك الخبيث, واستعذ بالله. والحقيقة الثالثة, أن المتدين الحقيقي, المؤمن بالله, المخلص لربه ودينه,. يؤمن بالمساواة, والرحمة, ومكارم الأخلاق, والصدق, ولا يكذب, ولا يعتدي علي حقوق الجار, ولا يحمل في قلبه ضغينة أو غلا أو حسدا, ولا يتفوه إلا بكل ما هو طيب من القول ولا يظلم, ولا يتكبر أو يتجبر, كما أنه لا يتاجر في الدين, فمن يفعل عكس ذلك, عليه أن يراجع نفسه, ويجلس إلي ضميره يحاسبه, لأنه ببساطة لديه مع الدين الحقيقي مشكلة! وتبقي الحقيقة الرابعة, وهي أن ترك الوطن للحمقي والمتطرفين المملوئين بالغل والكراهية والأجندات الخاصة لن يأخذ مصر إلا إلي الهلاك والتقسيم والدمار, فإن كنتم أيها المصريون مسلمين ومسيحيين تريدون خرابها, كما خربت وتخرب دول من حولكم, وتقبلون أن تصبح زوجاتكم وبناتكم, وكباركم في السن لاجئين ونازحين ومطرودين علي الحدود, فساعدوا هؤلاء المخربين الذين يشعلون نار الفتنة, أما إن كنتم تخافون حقا علي بيوتكم ونسائكم وبناتكم وأطفالكم, فاخرجوا معا مسيحيين ومسلمين واطفئوا نار هذه الفتنة فورا. لمزيد من مقالات سمير الشحات