لم يكتف بما أصابها من فاجعة فقد أبنائها الثلاثة في حادث مأساوي بل راح يكيل لها التهديد و الوعيد بحبسها لأنها أهملت في رعايتهم والمحافظة عليهم.. وهو الأب الذي لم يعرف عن أبنائه سوي بالكاد أسماءهم حتي إنه لو ألتقي بأحدهم صدفة لن يعرفه أما الصغار فلم يعرفوا عنه سوي اسمه فقط الذي أقترن بأسمائهم في شهادات ميلاد.. المأساة ترويها الام الثكلي أميرة صابر التي فقدت في حريق مروع أبناءها الثلاثة طاهر الشهير بتيتو وعمره خمس سنوات والتوءم كرم و كريم وعمرهما عامان ونصف العام عندما خرجت للبحث عن لقمة العيش لهؤلاء الصغار كعادتها اليومية لانها عائل الاسرة الوحيد بعد أن تخلي عنهم الاب وتركهم يواجهون أمواج الحياة المتلاطمة تعصف بهم كما تشاء.. تركهم للفقر و الغلب والحاجة.. تركهم هربا من مسئوليتهم التي تحملتها بشجاعة هذه اللأم التي عندما تنظر اليها تجد الشقاء حفر في وجهها علامات بارزة تستطيع ان تميز بها ما تعانيه. كانت الام و أطفالها يسكنون في غرفة مجاورة لغرف تسكن فيها والدتها وخالتها في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة تخرج من بيتها في السادسة صباحا للعمل عاملة في أحد المعارض و تترك أطفالها لأمها المريضة لتتولي رعايتهم لبضع ساعات بعدها تخرج الجدة بعد الظهر لتكدح هي الاخري و تبيع المناديل في الشوارع و نظرا لخوف الام الشديد علي أطفالها كانت توصي الجدة بأن تغلق عليهم باب الغرفة بعد أطعامهم فقد كانت تخشي عليهم من ذئاب الشوارع أن تفترسهم إذا ما خرجوا خاصة بعد أن فقدنا الامان هذه الايام لم تكن تعلم ما يخبئه لهم القدر الذي تربص بهم ليموتوا حرقا في غرفتهم الضيقة عندما أتصل بها أحد أقاربها في الرابعة عصرا ليخبرها بالحريق الهائل الذي شب في المنزل وعندما سألت عن أطفالها أخبرها أنهم بخير فهرعت مسرعة لتجد المفاجأة المذهلة فالغرف محترقة و أطفالها بداخلها ظلت تصرخ و تهرول نحوهم ولكن منعها المحيطون دخلت الأم غرفتها لتقع عيناها علي أبشع مشهد قد تراه أم في حياتها جثث صغارها الثلاثة متفحمة و الاخ الاكبر يحتضن شقيقيه كرم وكريم.. خارت قواها و سقطت مغشي عليها.. وكل ما تتذكره الام الثكلي ويرن في أذنها أخر امنيات تيتو ابنها الاكبر عندما ودعته في صباح الحادث و سألته ماذا تحضر له فما كان من أمنية سوي أن تحضر له أمه( الموز و البسكويت).