إيذاء الآخرين وإنهاء حياة الناس، أمر في منتهى البشاعة واللاإنسانية، ينعدم البعض من ضمائرهم حينما يقدمون على محاولة تسميم أو قتل أحدهم، مثل الأعداد الغفيرة التي تخطت الآلاف لأطفال أبرياء تسمموا بفعل وجبات مدرسية في مصر. الأمر أكثر سوءا إذا عرفنا أن هذه الحوادث مكررة ولها سوابق لنفس الأطفال، لكن وسط كل هذا هذه الطريقة مفضوحة إلا أن هناك طرقا للقتل بالسم شهدها العالم من قبل بعضها تم اكتشاف أنواع السم بها والآخر لا تزال قيد الغموض ولم تكتشف بعد. 1-فيلما بارفيلد في أبريل 1969، كانت فيلما بورك تعيش مع أسرتها في باركتون في نورث كارولينا عندما توفى زوجها فجأة في حريق في المنزل. في العقد الثاني تزوجت فيلما لكن الزواج لم يدم كثيرا حيث توفى الزوج بقصور في وظائف القلب عام 1971. وفي عام 1974 توفيت والدتها بعد معاناة طويلة مع مرض مجهول. وبعد ذلك استطاعت فيلما أن تعمل في وظيفة رعاية زوجين مسنين وفي عام 1977 أصبح الزوجان مرضى بمرض خطير مجهول وتوفى الزوج ولحقت به زوجته بعد شهر. بعد ذلك مباشرة ذهبت فيلما لرعاية زوجين مسنين آخرين وبعد فترة قصيرة توفى الزوجان بمرض مجهول أيضا وطالب أبناءهم بتشريح الجثة وأثبت التشريح وجود مادة سمية في جسده. وفي النهاية اعترفت فيلما بوضع سم فئران في مشروبات الزوجين ووُجِهت لها تهمة قتل وبعد ذلك استخرجت جثة زوجها الثاني جينينجز بارفيلد وبتشريحها تم اكتشاف وجود آثار سم في جسده. فيما بعد اعترفت فيلما أنها قتلت والدتها بالسم وكذلك قتلت جون هنري لي وزوجته ومونتجمري ودوللي إدواردز. ورغم أن ذلك يجعلها قاتلة وسفاحة، فقد حوكمت على جريمة قتل ستيوارت تايلور فقط وحكم عليها بالإعدام ونُفذ الحكم في 2 نوفمبر 1984 وأصبحت أول امرأة تعدم بالحقن بمادة سامة. 2-تشو لينغ والسم الغامض في عام 1994، بدأت تشو لينغ البالغة من العمر 21 عاما الطالبة في جامعة تسينغهوا في بكين تعاني أعراضا وآلاما غامضة حيث بدأت تفقد شعرها وأصبح نظرها مشوشا وغير واضح إضافة إلى الآلام المبرحة في المعدة، وفي النهاية دخلت في غيبوبة وظلت الأعراض التي تعانيها لغزا أمام الأطباء. قرر اثنان من أصدقاء تشو لينغ أن يستخدما الإنترنت لمساعدة تشو لينغ، فعرضوا قصتها والأعراض الغامضة التي تعانيها بالتفصيل في العديد من المواقع الإخبارية والتجمعات العلمية، ونتيجة لذلك جاءتهما العديد من الردود التي تؤكد أن تشو لينغ تسممت بمادة الثاليوم وهي مادة معدنية سمية ثقيلة وهو ما أثلتته الفحوصات. واستطاع الأطباء إنقاذ حياتها ولكن السم دمر جهازها العصبي تماما وحتى الآن لا زال جزء كبير من جسدها مشلولا ولا تستطيع الكلام. وكان المشتبه به الرئيسي في القضية صن وي زميلة تشو لينغ في الغرفة في الجامعة حيث تصادف أن صن وي تستطيع الحصول بحكم دراستها على كمية كبيرة من مادة الثاليوم. ولكن بعض أعضاء أسرة صن وي كانوا مسؤولين كبار في الحزب الاشتراكي الحاكم ويقال أنهم استخدموا نفوذهم لإيقاف التحقيق. وفي عام 2013، جمع التماس من البيت الأبيض 143000 توقيع لإعادة فتح التحقيق ولكن حتى الآن لا يزال لغز تسمم تشو لينغ لغزا. 3- جين ستانفورد تعد جامعة ستانفورد من أبرز الصروح التعليمية في الولاياتالمتحدة والعالم، بعد وفاة مؤسسها في 1893، تولت زوجته إدراة الجامعة حتى وفاتها الغامضة عن عمر يناهز 76 عاما. في يوم 14 يناير 1905، كانت جين ستانفورد تشرب بعض المياه المعدنية في منزلها في سان فرانسيسكو ولكن طعم المياه كان مرا مما جعلها تتقيأ، وانتابتها الشكوك فأرسلت المياه للمعمل ليتم تحليلها. أثبت التحليل أن المياه مسممة بمادة الإستركنين شديدة السمية. وبعد التحقيق وعدم التوصل إلى الفاعل، قررت جين ستانفورد أن تسافر إلى هاواي لتستجم قليلا. وكانت تقيم في فندق موانا في هونولولو في يوم 28 فبراير عندما طلبت من سكرتيرتها الخاصة أن تعد لها كوبا من بيكربونات الصودا لأنها تشعر باضطراب في معدتها. وفي مساء هذا اليوم، أصيبت جين ستانفورد بنوبة عصبية وأخذت تصرخ أنها تسممت مرة أخرى وبدأت تعاني تشنجات وفقدت تحكمها في جسدها تماما حتى توفيت. وبالفحص وجدت آثار مادة الإستركنين في جسد جين وفي بيكربونات الصودا. 4-ستيلا نيكل أحد أشهر جرائم القتل بالسم هي الجريمة التي وقعت في شيكاغو عام 1982 حيث توفى سبعة أشخاص عقب تناول كبسولات التايلينول المسكنة للآلام حيث خلطها القاتل المجهول بمادة سيانيد البوتاسيوم. بعد مرور سنوات على هذه الحادثة، أصبحت مصدر إلهام للعديد من جرائم القتل بالسم التي ارتكبت بعد ذلك. كانت ستيلا نيكل تعيش مع زوجها بروس في أوبورن بواشنطن، وفي يوم 5 يونيو 1984 عاد بروس إلى المنزل وهو يعاني من الصداع فأخذ 4 كبسولات إكسدرين مضاعف القوة للتغلب على الصداع، وبعدها بدقائق انهار جسده ونُقل إلى المستشفى فورا لكنه توفى في الحال. وأشار التقرير إلى أن وفاته جاءت نتيجة انتفاخ الرئة. غير أن الأحداث أخذت منعطفا مختلفا عندما توفيت امرأة أخرى من أوبورن تدعى سوزان سنو على إثر تناول نفس الدواء. بتشريح الجثة، اتضح أن سوزان سنو توفيت من جراء تناول سم السيانيد وعثر في علبة الدواء على عدد من الكبسولات المختلطة بمادة سيانيد البوتاسيوم. بعد نشر خبر وفاة سنو في الإعلام، تقدمت ستيلا نيكل ببلاغ يفيد بأن زوجها قد توفى في ظروف مشابهة لسوزان سنو، مما دفع الشرطة إلى الاعتقاد بأن هناك طرف خارجي يسمم كبسولات الإكسدرين، وفي الحقيقة كان الفاعل هي ستيلا نيكل نفسها. قامت ستيلا نيكل بوضع 3 علب إكسدرين مخلوط بسيانيد البوتاسيوم على رف السوبر ماركت حيث تباع هذه الأدوية المسكنة البسيطة فيه، وقد اشترت سوزان سنو واحدة من هذه العلب الثلاثة. وكانت ستيلا تأمل أن تقنع وفاة سوزان سنو السلطات بأن بروس زوجها كان ضحية عشوائية لهذا القاتل الذي عبث بكبسولات الإكسدرين ودس فيها السم. ولكن ابنة ستيلا أخبرت الشرطة أنها سمعت ستيلا نيكل تتحدث عن قتل بروس بالسم لتحصل على قيمة بوليصة التأمين على حياته. وعُثر على بصمات أصابع ستيلا على أغلفة كتب عديدة في المكتبة تتحدث عن السم وآثاره، كما اكتشف أن توقيع بروس على إحدى شهادات التأمين مزور. وفي عام 1988، حوكمت ستيلا نيكل بخمس تهم تخص العبث بالمنتجات وتهمتي قتل عمد وحُكم عليها بالسجن لمدة 90 عاما. 5-جاني لو جيبس مع بداية عام 1966، كانت جاني لو جيبس تعيش مع زوجها تشارلز جيبس في كورديل بجورجيا، وكان عندهما ثلاثة أولاد روجر (19 عاما) وميلفين (16 عاما) وميرفين (13 عاما). وفي 21 يناير، بدأت الأسرة تعيش سلسلة من الأحداث المأساوية حيث توفى في هذا اليوم تشارلز جيبس بعد تناوله وجبة أعدتها له زوجته وقرر الأطباء أن الوفاة نتجت عن مرض مجهول في الكبد. وبعد 9 أشهر توفى ميرفين (الولد الأصغر) بطريقة مشابهة، وبعده ببضعة أشهر توفى ميلفين (الولد الأوسط) وقرر الأطباء أن وفاته سببها التهاب الكبد. وأصبحت جاني لو جيبس جدة بعدما أنجبت زوجة روجر (الابن الأكبر) ولدا اسمه روني. بنهاية عام 1967 توفى روجر وابنه روني حيث توفى الطفل روني وهو عمره شهر واحد بسبب فشل وظائف قلبه، فيما توفى روجر بعد ابنه بعدة أسابيع بسبب توقف الكليتين عن العمل (فشل كلوي). وأخيرا بدأت الشرطة تشك في هذه الوفيات المتتابعة، فاستخرجت جثث عائلة جيبس كلها وبتشريحها اكتشفت أن الوفاة سببها تسمم بمادة الزرنيخ. واتضح أن جاني لو جيبس كانت تستخدم سم الفئران لتقتل أفراد أسرتها للحصول على بوليصات التأمين على حياتهم، وبعد القبض عليها اتضح أنها مختلة عقليا وتم إيداعها مصحة عقلية حتى عام 1976، وبعد شفائها حوكمت وحُكم عليها بالسجن مدى الحياة لكنها أصيبت بمرض باركنسون (الشلل الرعاش) فأطلق سراحها وعاشت في دار رعاية المسنين حتى وفاتها عام 2010. 6- أورفيل لين ماجورز في عام 1993، بدأ أورفيل لين ماجورز العمل كممرض في مستشفى مقاطعة فيرميلون في ولاية إنديانا. وحينها ارتفع معدل الوفيات في المستشفى بشكل جنوني. قبل أن يبدأ ماجورز العمل في المستشفى كان معدل الوفيات 26 حالة وفاة في العام، بعد عمل ماجورز في المستشفى بلغ المعدل 101. خلال الفترة التي عمل فيها ماجورز في المستشفى، توفى 147 مريضا، وحدثت معظم هذه الوفيات أثناء ورديته. ولأن معظم الوفيات حدثت أثناء ساعات خدممة ماجورز بدأ الموظفون التراهن على مَنْ سيموت من المرضى على يد ماجورز كل يوم. بدأت إدارة المستشفى تشك في ماجورز وفي عام 1995 بدأت تفحص ترخيص مزاولة مهنة التمريض الذي تقدم به ماجورز. وبدأ تحقيق جنائي في الوقائع واستخرجت بعض الجثث وخضعت للتشريح. وأوضح التشريح وجود آثار لمادة كلوريد البوتاسيوم في جثث المرضى المتوفين. وفي عام 1997، ألقي القبض على ماجورز واتهم بقتل 6 مرضى بكلوريد البوتاسيوم وعُثر على المحاقن (السرنجات) في منزله. ونظرا إلى أن ماجورز كان آخر من شاهد هؤلاء المرضى الستة المتهم بقتلهم، فقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولكن يعتقد أنه مسئول عن وفاة أكثر من 130 مريض آخر في المستشفى ولازال الدافع وراء القتل غامضا. 7-فريدريك مورس في يونيو 1914 هاجر فريدريك مورس من بلده الأم النمسا إلى مدينة نيويورك حيث أصبح حمالا في دار لرعاية المسنين اسمه "دار رعاية المسنين الألمان". وبعد فترة قصيرة ترقى مورس إلى وظيفة مساعد ممرض، ولكن سلسلة من الحوادث المريبة بدأت تقع في هذا الدار، ارتفع المعدل للغاية بعد عمل مورس في الدار إذ بلغ معدل الوفيات 17 حالة وفاة في فترة أربعة أشهر. بعد ذلك اتضح أن مورس مسئول عن وفاة 8 حالات على الأقل. في البداية كان مورس يستخدم الزرنيخ والأفيون والمورفين في القتل، لكنه قرر بعد ذلك أن يخترع طريقة جديدة للقتل بالسم لا تترك أي أثر، فكان يخدر المرضى قبل أن يصب في أفواههم مادة الكلوروفورم. عندما تم اكتشاف بعض آثار الحروق حول شفاه أحد الضحايا، قرر مورس أن يحسن طريقته فبدأ يدهن وجه الضحية بالفازلين قبل أن يصب الكلوروفورم. كان من الممكن أن يفلت مورس بجرائمه، لكنه قرر أن يعترف لوكيل نيابة بالجرائم قائلا أن هؤلاء المرضى كبار السن بحاجة إلى الراحة من آلامهم وتعاستهم. وقد أودع مورس سجن للمختلين عقليا لكنه هرب منه في عشرينات القرن العشرين ولم يُعثر عليه ولا يزال مصيره غامضا.