يجلس المريدين والدروايش يلتفون في حلقات الذكر التي لا تكاد أن تنتهي بأضرحة الصحابة وأولياء الله الصالحين، الذين تٌقطع لهم المسافات الطويلة من أجل تحقيق أحلام أناس بسطاء كانوا أم أغنياء، عجز بنو البشر عن تحقيقها، فلجئوا لتحقيقها بالتبرك بالأضرحة. وعلى اختلاف الأزمنة والحكام توجت محافظة المنيا كعاصمة ضمت بين طياتها أضرحة لعدد كبير من الصحابة بداية من أرض البهنسا أو مدينة الشهداء كما يطلق عليها البعض، مرورا بضريح ماريا القبطية زوجة رسول الله وضريح الإمام العالم القرطبي فضلا عن وجود كنيسة الذراء بدير جبل الطير الشاهد على رحلة العالة المقدسة، الأمر الذي جعل محافظة المنيا أرضًا مقدسة. وعلى بعد عدة كيلو مترات، يقع ضريح الشيخة سلمى، تلك الفتاة التي أخذرت تهرول أعلى الجبل هربًا من اغتنامها كفريسة من قبل الرومان؛ وذلك خلال رحلة بحثها عن لقمة عيش لها ولوالديها، والذي يقصد ضريحها العديد من النساء اللواتي يريدن الإنجاب بعد أن ضاقت بهم السبل لتحقيق حلمهم في الأمومة، بحسب ما يقول مريدين الضريح. ويروي زوار الضريح قصة الشيخة سلمى، فيقولون إنها تلك الفتاة ذات العقد الثاني من عمرها التي خرجت في ذات يوم من منزلها، للبحث عن لقمة عيش لها ولأسرتها الفقيرة فإذا بالرومان يطاردونها، فكان أمامها خيارين إما أن يتم الفتك بها أو أن تقتل فلم تجد سوي صعود الجبل هربا، فدعت المولي عز وجل أن يكون الجبل قبرا لها فاستجاب لها المولي تبارك وتعالى وانشق الجبل من منتصفه وابتلعها بداخله ثم أغلق مرة أخرى. يقول الشيخ محيي محمد عطا أحد أبناء الطريقة الرفاعية، وخادم بمسجد سلطان الكبير بزاوية سلطان: "إن الشيخة سلمي ولية من أولياء الله الصالحين، وبعد أن انشق الجبل وابتلعها بعد دعوتها بدأ يتساقط دم حيضها بشكل شهري من الجبل، نافيًا ما تردد عن كون هذا الدم هو دم خفاش، مشيرًا إلى أنه بالفعل دم حيضها ويتساقط بشكل دوري بكل شهر". واستكمل: "أن من أهم كرامات الشيخة سلمى أن أحد الأشخاص أراد أن يشيد مقبرة لبيعها بالمنطقة المحيطة بمقام الشيخة سلمى فبدأ بقطع ما بها من شجر، إلا أن هذا الشخص أصيب بمرض السرطان وقطعت يداه، لافتًا إلى أنه بعد تلك الواقعة سارعت أسرة هذا الرجل وأحفاده إلى عمل الخير". وأوضح عطا في حديثه ل"أهل مصر" أن ما يوجد من ضريح مشيد للشيخة سلمي ماهو إلا شكل فقط، لكن جسد الشيخة سلمى مازال يرقد داخل الجبل ولم يدفن جسدها داخل المقام، مشيرًا إلى أن الشيخة سلمى يقصدها كثيرا من النساء بالزيارة يوم الجمع من كل شهر، ويوم النصف من شهر رجب وأثناء زيارة المقابر في الأيام العادية، ابتغاءًا وطلبا للإنجاب، وذلك عن طريق الطواف حول الشيخة سلمى 7 مرات متتالية، موضحًا إلى أن عدد كبير من السيدات أنجبن بعد زيارتهن للشيخة سلمى". وأردف: "أن هناك خادمة تأتي لرعاية المقام في المناسبات وأيام الجمع من كل أسبوع، مشيرًا إلى أن تلك السيدة المسنة تقوم بإشعال الشموع ووضعها داخل مكحلة تتصنع الكحل بعد إشعال الشموع بها فتقوم النساء بأخذ هذا الحكل للتكحل به في المناسبات والتبرك به".